مرة كان عندي فكرة قصة روائية أو سينمائية .
تدور حول أن هناك شخص يشعر بالملل الشديد . فاكتشف أن العالم كله و أقصد كله بالفعل يشعر بالملل و لكنه لا يلاحظ أو إنه خائف أن يلاحظ .
و بدأ بطلنا بالبحث عن سبب هذا الملل كوسيلة للخروج منه و في نفس الوقت معرفة السبب . فاكتشف أن سبب الملل هو أن جميع الألحان
الموسيقية قد عُزِفت و لم يعد هناك بعد لحن جديد .
( وفي نسخة أخرى لم يعد هناك من جمال شعري فلقد قيلت كل الأفكار الشعرية و الصور البلاغية ) فلم يعد هناك إندهاش .
إندهشت كثيراً عندما عرفت أن قديماً لخصوا الموسيقى في مقامات و في الشعر هناك علم العروض .
و حديثاً و رياضياً فالسلم الموسيقي و نغماته لهما عدد محدد و منتهي مهما بلغت اتساعها و تنوعها فبالتباديل و التوافيق هناك عدد محدود منها .
و فلسفياً و كما تعلمت من أخي فأنت غير قادر على تخيل شيء جديد لا تملك له لفظة أو كلمة أو صورة ذهنية مسبقة .
أي إنك لا تستطيع إختراع شيء غير موجودة مفرداته مسبقاً .
عندما كتبت المقالة السابقة ( مقالة عن الحب بدون مشاعر ) قلت إنها مكتوبة بالكامل بواسطة الذكاء الصناعي . و أصريت ألا أضع فيها صور أو اضيف أي شيء من ذاتي عليها لأرى كيف سنتفاعل معها .
و حتى الآن فالذكاء الصناعي براعته هو في تنسيق كافة الأفكار و الملاحظات و المعلومات الوفيرة التي يذخر بها الإنترنت .
حتى الآن نذهب للمسارح و الأوبرا لكي نشاهد عازفاً يعزف على آلته ليطربنا و يمتعنا .
قديماً كنت أسأل أليست السماعات في الأذن و سماع الموسيقى بجودة كومبيوترية أفضل من الجودة المسرحية غالية الثمن ؟
و الآن سأسأل هل سنشاهد في المستقبل روبوتاً يقدم حفلاً موسيقياً بدلاً من العزف البشري و العروض البشرية المسرحية ؟
سؤال عادي كلنا سألناه .
و هناك إجابات محفوظة مثل أن الآلة تكرر و لا تبدع .
و لكن هذا حتى الآن فقط .
هل تظنون إنه في المستقبل ( القريب جداً ) سيتمكن الذكاء الصناعي AI من إبداع ألحانه و ابياته الشعرية و أضيف للسؤال من إختراع ألفاظ جديدة ليبني بها تصورات جديدة لم تكن لتخطر على بالنا ؟
فكما قلنا لا نستطيع أن نتخيل شيئاً جديداً لا نملك عنه مفردات و تصورات مسبقة نخلطها معا للحصول على الشيء الجديد .
فماذا لو اخترع الذكاء الصناعي لغته و أخرج لنا إبداعات لا تحصى و لا تعد ؟
فالموضوع في العقل البشري تدريجي .
ح س ب – حسب __ حاسوب __ إنترنت . لم نكن سنصل للإنترنت إلا بالمقدمات السابقة التي يحويها عقلنا .
أما بالذكاء الصناعي ماذا لو أعطيناه هذه الحروف و سألناه أن يبدع لنا لفظة جديدة ثم يستخدمها في جملة ؟
مثل سأجرGHTنببسي9 خحبسيopio ( على الأقل سنعطيه بعض الحروف مسبقاً أيضاً )
ثم الجملة تأتي بأخرى و هكذا حتى يستمر في إبداعه .
ماذا لو إكتشف نغمة جديدة ؟ فلحن جديد ؟ فاصبح هو كل تسليتنا و دهشتنا .
هل سنقضي على الملل حينئذ ؟
في ظني أن العلم و المعرفة دمرا الكثير من الإنسانيات الجميلة و حولوها لماديات بشعة . و حولوا الحب لدافع غريزي تكاثري تطوري … ( إنتظروا مقالة أخرى عن فقد الرومانسية و الخوف من الحب )
و لكن في قصتي التي ألفتها و بدأت بها مقالي هذا أختمها بأنه في الوقت الذي دخل فيه العالم كله حالة من الجمود الوجداني و تبلد المشاعر فلم يعد هناك ما يفرحهم أو يضحكهم أو يدهشهم , يفاجأ العالم أن هناك شاب و فتاة تهامسا فابتسمت و ضحكت و عبثاً حاولوا أن يعرفوا ماذا قال لها و لكنها رفضت البوح فهذا سرهما الخاص و هذه هي ذكراهما التي ستعزيهما في المستقبل .
تحياتي .
External links references:
Bored kid
Photo by Maria Geller: https://www.pexels.com/photo/man-wearing-pink-crew-neck-shirt-2836477/
Poem
Photo by Lisa Fotios: https://www.pexels.com/photo/white-printer-paper-with-black-text-3927280/
Toyota Robot at Toyota Kaikan
Chris 73 / Wikimedia Commons
CC BY-SA 3.0
ladybugs
Photo by Pixabay: https://www.pexels.com/photo/black-red-beetle-on-top-of-another-red-black-beetle-54612/