
https://www.pexels.com/photo/tired-ethnic-man-lying-on-bed-during-relocation-in-new-house-4246049
النقاط الأساسية :
1- الشعور بعدم الإنتماء في المراحل المبكرة من العمر في مرحلتي الطفولة و المراهقة قد يكون تهديد صامت و خبيث لبداية الشعور بالإكتئاب .
2- الشعور بالغربة في أي عمر يجعلنا نشعر بأننا متطفلون على هذه الحياة أو هذا المجتمع .
3- تنمية الشعور بالإنتماء و القبول هو أمر حيوي للشباب لتحقيق ذواتهم سواء علمياً أو مهنيا و إجتماعيا .
* لو وددنا أن نصف الحياة فسنقول إننا في رحلة سفر تحوي محطات عدة . منذ بداية تكون الجنين والإنسان يعيش في مراحل إنتقالية . من الرحم للخارج . من البيت للحضانة . من المدرسة للجامعة , للوظيفة, لوظيفة أخرى , لترك الأسرة و تكوين أسرة جديدة أو حتى الهجرة .
نقرأ في بعض الأبحاث أن صدمة الإنتقال من مرحلة إلى مرحلة يصاحبها الرغبة في الشعور بالإنتماء و القبول و الحصول على نظرات الإعجاب و الثناء و الرغبة في بناء صداقات و علاقات جديدة كل هذه المشاعر تثقل كاهل الإنسان و تجعله يبحث بشتى الطرق عن كيفية تلبية هذه المشاعر .

و كل هذه المشاعر سواء إذا كانت عميقة أو سطحية يمكن إجمالها في الرغبة الدفينة بالشعور بالإنتماء .
الشعور بالإنتماء يعني أكثر من مجرد التواصل المجتمعي . فكوننا نتحدث و نتواصل ليس معناه إنه قد تمت تلبية هذه المشاعر .
قضاء معظم الوقت مع الزملاء ليس معناه إني منتمي .
الإنتماء هو الشعور بقيمتي و بأنني مقدر وسط المجموعة أو المؤسسة التي أعمل بها . وجود يشكل علامة فارقة . أؤثر فيهم و يؤثرون في . إيجاباً طبعاً .
يفرق معهم و معي جداً لو شعرت بأن رحيلي كوجودي .
و بالعودة لمحطات الحياة المختلفة نجد أن الإنسان قد يعاني ليس فقط من الإغتراب المكاني بل بالإغتراب الوجداني . فعدم شعوره بالإنتماء يصاحبه الإدراك بأنني مجرد زائر متطفل على هذا المكان أو هذه المجموعة .
و بداية أي مرحلة حياتية هو وقت حرج لبناء علاقات نتمنى من داخلنا أن تكون دائمة و مشبعة .
و للأسف أظهرت بعض الأبحاث المنشورة في الولايات المتحدة الأمريكية و التي تدرس العلاقة بين الشعور بالإنتماء و الكآبة وجدت أن الموظفين يزدادون إكتئاباً على مدار فترة عملهم بالمقارنة ببداية الوظيفة .
و طبعاً لا نستطيع أن نتجاهل ضغط العمل و المهام و المسئوليات و الأبحاث المطلوبة في زيادة الشعور بالضيق و الكآبة .
ولكن بعد ضبط هذه الأبحاث إحصائياً لم يكن ممكناً أن نتجاهل أن الشعور بالإنتماء كان له الدور الأساسي في الشعور بالضيق و الكآبة .

كما أن نفس هذه الأبحاث اشارت بوضوح أن وجود تفاعل إجتماعي غير كاف بالمرة . فهناك فارق بين التفاعل الإجتماعي و الشعور بأنني منتمي .
و يخبرنا رائد المدرسة الإنسانية في علم النفس أبراهام ماسلو في هرمه الشهير أن الشعور بالإنتماء و الحب ضروريان لتحقيق الذات و يأتيان بعد تلبية الحاجات الحيوية الفسيولوجية و الحاجة للأمان .
و أستطيع أن أقول بدون اللجوء للابحاث الإحصائية أن الإنتماء و الأمان متلازمان . فأنا أحتاج للإنتماء لكي أشعر بالأمان . أو كما يقال في شعار الكشافة الفرد من أجل المجموعة و المجموع من أجل الفرد .
و يبدأ الشعور بالإنتماء منذ اللحظات الأولى للحمل . فلابد أن يشعر الجنين إنه حمل مرغوب به . و أن حياته مهمة .
و بعد الولادة في تقديم الحب غير المشروط له و تقديم الرعاية له .
فيستطيع أن يقول لنفسه أنا منتمي لهذه الأسرة و لهذا المجتمع و لهذا الكيان أو هذا الوطن .
و لن نستشهد بالمزيد من الأبحاث التي توضح اهمية دور العائلة في تشكيل هوية الإنسان و جدانه و شعوره بأنه محبوب و مرغوب و لا يمكن الإستغناء عنه أو استعواضه .
لا اريد أن أركز على سلبيات التفكك الأسري أو تبدل الأدوار أو غياب أحد الوالدين فتاثير التفكك الأسري اصبح معلوما بالضرورة للجميع.
و لكني اسعى من خلال هذه المقالة لتقليل الشعور بالإغتراب عامة و في المراحل الأولى من العمر خاصة .
و بعد أن تقوم الأسرة بدورها يأتي دور كثير من الجهات في تقليل الشعور بالإغتراب المكاني و الثقافي و الحضاري و الإقتصادي .
فالتمهيد و التوعية بما مقبل عليه المرء في كل مرحلة له دور مهم في بناء توقعاته و تقليل شعوره بالإغتراب و تقديم الدعم لهم في مرحلة الإنفصال عن المجتمع الأولي و إندماجه في مجتمعه الحالي يقلل من تعرضه للإكتئاب .
سماع الخبرات ممن سبقونا سواء دراسياً أو مهنيا مهم في معرفة التحديات المتوقعة و الصراعات الطبيعية مما يساهم في تقليل الشعور بالإغتراب و أن هذه التحديات هي مرحلة مؤقتة .
و أن كل هذه الأحداث المستقبلية ستشكل خبرات مهمة في بناء الشخصية و صقلها .
هذا ليس كل شيء . فهناك المزيد أكيد .
فقل لي لمن تنتمي أقول لك من أنت .
