الغفران نعمة كبيرة جداً. تتوقف الكلمات في ذهني عندما أتذكر روعة الغفران.
لما تسمع حد يقول لك: “ أنا سامحتك ” .
شعور بالراحة و الحرية عجيب.
نحتاج للغفران من الآخر .
نحتاج أن نغفر ﻷنفسنا.
وأخيراً نحتاج للغفران من القوة العظمى ( الله كيفما نفهمه )
وإذا إستبد بي الخجل , أو أبكم العار فمي
نبضات حبك فلتزل حتى النهاية في دمي .
من كلمات ترنيمة توبوا إلى الرب.
في الكنائس المسيحية التقليدية اﻹعتراف بالخطايا والذنوب لابد أن يكون على يد كاهن . وهو هنا يمثل الله . فأي خطيئة هي موجهة لله. “ إليك وحدك أخطأت ” ( مزمور 51 : 6 )
والكاهن يمثل أيضاً البشرية المتألمة بسبب خطيئتي. فأحتاج كمذنب وآثيم أن أسمع أن خطيئتي قد غُفِرت من فم إنسان وإني تصالحت مع البشرية.
فاسمه غير المتداول هو ” سر المصالحة ” ولا أعتقد إنه المقصود به التصالح مع الله فقط بل مع اﻹنسانية في المقام الأول.
وهو ما ظهر متجلياً في صلاة فعل الندامة التي يتلوها المعترف أو في صلاة الحل الجماعي طبقاً للطقس اللاتيني.
حيث يقول المصلي : أنا أعترف لله الآب القادر على كل شيء ولكم أيها اﻹخوة واﻷخوات , بأني خطئت كثيراً بالفكر والقول والفعل واﻹهمال , خطيئتي عظيمة , خطيئتي عظيمة , خطيئتي عظيمة جداً, لذلك أطلب من القديسة مريم دائمة البتولية , ومن جميع الملائكة والقديسين ومنكم أيها اﻹخوة واﻷخوات الصلاة من أجلي من أجل أن يغفر لي الله القدير خطاياي. آمين.
وهو مختلف عن صلاة فعل الندامة في الطقس القبطي الكاثوليكي : حيث أن الندامة موجهة لله فقط . وسأذكرها كما أصليها. “ ربي وإلهي أنا نادم من كل قلبي على جميع خطاياي. ﻹني بالخطيئة خسرتك , وخسرت نفسي و السماء , أنت أبي ومستحق كل محبة ساعدني ألا أعود إلى الخطيئة آمين.
فهنا الصلاة القبطية تذكر أن الخطيئة تسببت في أن أخسر نفسي وذاتي.
يوم 6 / 12 / 2024 وبعد أن قدمت إعترافي للكاهن لم يقل لي الكثير. وأستطيع أن أدعي أن كلامه معي كان أشبه بالكلام المحفوظ النظري. ولكن الغريب فعلاً هو إني خرجت وأنا مبتسم وفرحان.
وأنا لا أكتب هذه المقالة لهدف روحي أو إيماني فقط . بل هناك موضوع يؤرقني. وأسئلة نحتاج لمعرفة الصواب من الخطأ فيها.
في الثقافة الغربية كما نشاهدها في الدراما اﻷجنبية نشاهد المخطئ يذهب للطرف البريء أو المخدوع ويعترف له بذنبه.
آخر هذه المسلسلات التي رأيتها كان مسلسل بعنوان : Platonic
في إحدى الحلقات الزوج إعترف لزوجته بإنه تلامس في السر مع إحدى زميلاته. وهرع إلى زوجته مسرعاً بهذا السر وحاول أن يكفر عن ذنبه تجاهها بالرغم من إنه لم يشاهدهما أحد .
على العكس في ثقافتنا الشرقية في ثقافتنا الشرقية نتحدث عن مفهوم الستر . “ من ستره ربه ما يفضحهوش عبده “.
فإذا سترني ربي لماذا أذهب وأكشف نفسي للآخر ؟
والدافع لهذا السؤال والذي أثارني هو خطوات علاج اﻹدمان وباﻷخص الخطوتين الثامنة والتاسعة أي خطوات التعويض . تعويض من آذيناهم بسبب إدماننا.
8- وضعنا قائمة بأسماء كل اﻷشخاص الذين آذيناهم , وعقدنا العزم على تعويض أوإصلاح ما بدر منا من اﻷذى لهم جميعاً.
9- قدمنا اﻹصلاح أو التعويضات المباشرة لهؤلاء اﻷشخاص كلما أمكن ذلك , إلا إذا كان ذلك سوف يضر بهم.
وهذه الخطوات من أصعب الخطوات في برنامج التعافي. وتحتاج أن يصاحب المدمن المتعافي شخص خبير ومميِز أو بلغة أخرى شيخ روحاني ذو بصيرة.
فكيفية تعويض كل متضرر تحتاج لتمييز عميق وتختلف من شخص ﻵخر .فربما يكون أفضل تعويض ﻷحد اﻷشخاص هو ألا يراك ثانية . ( مثلاً )
فالسؤال ببساطة هل أعترف للآخر المتألم بسببي بذنبي أم لا ؟
وأختم باصعب إعتراف بالذنب يحضرني في حياتي ولا علم إذا كان هناك مثله في الواقع أم لا وهو إعتراف Whip Whitaker أو Denzel Washington في الفيلم العبقري Flight إنتاج 2012
فلقد بلغ شعوره بالذنب مداه لدرجة لم تجعله قادراً على تحمل الحياة بكذبة واحدة أخرى . كذبة واحدة أخرى لن يتضرر منها أحد . كذبة أخرى وستكمل حياتك. كذبة أخرى واحدة فقط .