من المهم أن نعرف الميول النرجسية في العلاقات لكي نتعامل معها.
النرجسية من الموضوعات الساخنة هذه الأيام و المطروحة بقوة في العيادات النفسية و مقدمي المشورة . فقد يُظهر الشخص بعض الميول النرجسية بدون أن تنطبق عليه كل شروط إضطراب الشخصية النرجسية .
غالبية اضطرابات الشخصية تظهر جذورها منذ فترة المراهقة و الشباب لكن بعض الناس ممكن تظهر لهم بعض الميول المختلفة في أوقات مختلفة من أعمارهم .
فخبرات الحياة المختلفة غالباً ما تظهر العوامل الشخصية على السطح و التي غالباُ ما تؤدي إلى زيادة في الصفات غير المتكيفة و التي تتسبب في توتر العلاقات و افسادها .
الباحثون يسعون جاهدين في استكشاف المزيد من العوامل الجينية المسببة لإضطرابات الشخصية و لكن العوامل البيئية و المجتمعية تلعب دوراً في غاية الأهمية في تعلم الشخص كيف يتفاعل مع الآخرين .
الميول النرجسية في مقابل اضطراب الشخصية النرجسية :
من المهم جداً للاشخاص الذين يظهرون سمات شخصية غير صحية بدون أن تتطور لاضطراب شخصية كامل الأركان بصورة مرضية أن يزيدوا من وعيهم الذاتي لكي يتعاملوا و يستبدلوا هذه السمات غير الملائمة .
الميول النرجسية لابد أن يُنظر إليها بعدسة مختلفة عن عدسة اضطراب الشخصية النرجسية من حيث معدل تكرار هذه السمات و شدتها و طول الفترة التي تظهر فيها.
فاضطراب الشخصية النرجسية يشكل إضطراب ممتد و مستمر و يظهر نفسه باشكال عدة في غالبية مواقف الشخص و تعاملاته .
هل تتسائل ما إذا كنت حاملاً للميول النرجسية ؟
ها هي بعض العلامات التحذيرية :
- أنت تستخدم الناس لكي يوفوا بإحتياجاتك .
من المحتمل أن تكون خبرة معتادة لديك أن تتلاعب بشخص ما أو موقف ما من أجل الحصول على ما ترغب به في هذه اللحظة من حياتك .
و لكن في هذه اللحظة لابد أن ترفع إشارة الخطر إذا ما كانت تحدث بدون إحساسك بالذنب و الندم و إذا كانت تحدث بشكل متكرر و مستمر .
إذا وجدت نفسك تقيس العلاقات بمقدار استفادتك منها على عكس مقدار مساهماتك فيها لكي تجعل هذه العلاقات و التفاعلات ذات معنى …. فهذه ميول نرجسية .
هل أنت قادر أن تتعرف بسهولة على طريقة تلاعبك بالأشخاص ؟ هل تحاول أن تتلاعب بالآخرين بدون أن تفكر أو تسأل نفسك كيف سيؤثر هذا عليهم أو على علاقتك بهم ؟
هل تعتقد أن حصولك على ما ترغب به أهم من تأثير أفعالك عليهم ؟
استخدام شخص للحصول على ترغب به ينبغي أن يخلق بداخلك مشاعر الندم و الرغبة في تعويضهم أو على الأقل ألا تكرر هذا المسلك في المستقبل.
فالعلاقات تحتاج أن تكون متبادلة لكي تستمر وقت أطول و التلاعب بالناس يعوق تقدم أي تواصل إنساني .
- مشاعرك هي وحدها التي تهم أو لها الأولوية المطلقة .
بالرغم من أن تأكيد الذات و الدفاع عن النفس هي مهارة مهمة في العلاقات الصحية , لكن يظل التركيز على الذات المبالغ فيه هو مدمر للعلاقات .
هذه الميول قد تكون موجهة لكل إنسان أو تظهر نفسها في علاقات بعينها .
عندما تكون مشاعرك هي وحدها التي على السطح و تتجاهل كل أوجه العلاقة فهذه قد تكون علامة تحذيرية أن هناك مشكلة تحتاج لحل .
هل تعتقد باستمرار أن مشاعرك غير مقدرة بالشكل الذي ينبغي أن تكون عليه ؟ هل تعتقد أن أفكارك و مشاعرك يبنغي أن تكون لها الأولوية على آراء الآخرين ؟ هل أنت مستعد أن تحقر من الآخرين و تقلل من شأنهم أو أن تصبح عدوانياً تجاههم لكي تتأكد من إنهم يقدرون مشاعرك ؟
البحث عن تقدير صحي لمشاعرك هو شيء مختلف عن اعتقادك أن آرائك ينبغي أن يُشاد بها أكثر من اي شخص آخر .
عندما يكون التمحور حول الذات هو المفتاح للحصول على كل شيء من العلاقة و تتجاهل بقية وجهات النظر , فالمواجدة و التعاطف لن يكونا موجودين .
فالعلاقات المبنية على ميول نرجسية ستكون غير مرحب بها , بل ستكون سامة.
- تعتقد في المعايير المزدوجة فيما يخص كيف ينبغي أن تُعامل :
العلاقات الصحية تُبنى على اساس من الإحترام و الثقة المتبادلة . فالقاعدة الذهبية في التعامل تحسن بالفعل التواصل بين الأشخاص . و عندما لا يكون الإحترام قاسم مشترك فالكل حينئذ سيعاني .
العديد من الأشخاص ذوي الميول النرجسية يضعون معايير مزدوجة في العلاقات على شاكلة الشعار المعروف : ” إفعل ما اقوله و لكن ليس ما افعله “.
هذا يخلق عدم توازن في قوة العلاقة الذي سيؤدي حتماً إلى المزيد من الصراعات و توتر العلاقة .
هل تشعر أن افكارك و ما تقوله لا ينبغي أن يناقش أو يسئل عنه ؟ هل تعتقد إنه يمكنك أن تقول أو تفعل أي شيء لأي شخص لأن الموقف أو مسلكهم يبرر لك ذلك ؟ هل تغضب أو تستاء عندما لا يتفق الآخرون مع ما قلته أو هل تتوتر عندما يخبرك أحدهم كيف يشعر تجاه سلوكك ؟
التواصل هو عملية مزدوجة و ذات اتجاهين و التواصل الصحي ضروري لعلاقات ناجحة . عندما تبدأ في الإعتقاد أن آرائك و افكارك ينبغي لها أن تصل بأي شكل و بأي ثمن و لو على حساب الآخرين بلا أدنى شك فالعلاقة ستنهار .
- كيف يشعر الآخرون لا يفرق معك في شيء .
المواجدة و التعاطف هو شيء حيوي في التفاعل مع الآخرين .فالقدرة أو الرغبة في الفهم الحقيقي فيما يفكر فيه الآخر أو يشعر به هو الطريق الأفضل لبناء علاقة طويلة الأمد و صحية . فالأشخاص الذين يعيشون في الفراغ بتجاهلهم لما يمر به الآخرون سيعانون بلاشك من انتهاء علاقاتهم .
هل تلاحظ أن مشاعر الآخرين و أفكارهم تضايقك و تبدو و كأنها غير مهمة بغض النظر عن الموقف ؟ هل تشعر بالإحباط عندما يطالبك شخص ما أن تتفهم موقفه و الأرضية التي يتكلم منها ؟ هل تتصرف بناء على أفكارك و مشاعرك بدون أي تراعي ما يختبره الآخرون في نفس الموقف ؟
المواجدة و التعاطف يا إما سيخلقون علاقة أو سيدمرونها . إذا لاحظت نمطاً في حياتك فيما يخص علاقاتك يجعلها غير مستمرة أو غير كافية فربما يكون هناك مشكلة متكررة في قدرتك على معرفة ما يفكر به أو يشعر به الآخرون . و هي مهارة ستساعدك بشدة أثناء إبحارك في علاقاتك .
غير ميولك النرجسية قبل أن تصبح نمطاً مرضياً :
زيادة الوعي بالعلامات التحذيرية في علاقاتك سيحسن بالتأكيد قدرتك على الإحتفاظ بعلاقة صحية طويلة الأمد مع الآخرين .
فاحتياج الإنسان الاساسي يحتاج لمجهود من كل شخص في العلاقة .
بالرغم من سوء و خطورة الميول النرجسية إلا إنه يمكن التعامل معها و تحسينها بواسطة التحليل النفسي الأمين و الاستعداد للعمل من خلال التحديات والمشاكل .
لاحظ الأنماط غير الصحية في تواصلك و علاقاتك و اتخذ الخطوات الضرورية لإصلاحها قبل فوات الآوان و قبل أن يتآذى أحدكم .