تسيرين لوحدك في الشارع ثم تتعرضين لمضايقة , فيعلو صوتك و تتلفتين حولك عن مساعدة , ثم تتسائلين أين ذهب الناس ؟ أين هم الرجال ؟ أين الأخلاق ؟ لماذا لم يتدخل أحد لمساعدتي .
لا أريد أن أقلب المواجع بخصوص حادثة قبيحة حدثت في مصر في ميدان العتبة ( أحد أشهر الميادين المزدحمة يمكن في العالم ) في التسعينات.
و لكن هذه الحادثة أزعم إنها لم تخضع للتحليل العلمي.
نادراً ما نخضع أي شيء للتحليل و الدراسة في مصر أو في الشرق . و نركن إلى الأسباب المحفوظة والمعروفة . مثل غياب الأخلاق و الوازع الديني و العوامل الإقتصادية و قبضة مباحث الآداب الأمنية إلخ
في هذه المقالة سنتناول بالشرح لماذا لا يتحرك أحد ؟ لماذا لا يغامر أحد و يقدم يد المساعدة؟ لماذا يظهر ” الجميع “ بمظهر المتخاذل؟ و الأهم كيف تتصرفين أو تتصرف . ؟
كعادة العلم أي فرضية لابد لها من دليل يدعمها . و كعادة العلم أيضاً سنجد الفرضية و عكسها و كل عالم يقدم ما يدعم فرضيته . فلا تنزعج إذا وجدت ذلك في هذه المقالة .
ما هو تأثير المتفرج؟
يشير مصطلح تأثير المتفرج Bystander Effect إلى ميل الأشخاص إلى عدم القيام بأي فعل من أجل إنقاذ الضحية في المواقف شديدة الخطورة بسبب وجود متفرجين آخرين أي جمهور كبير.
وبالتالي فالعكس صحيح ، أي أن الناس تميل إلى تقديم المساعدة أكثر عندما يكونون بمفردهم أكثر من كونهم في مجموعة.
وقد تمت دراسة الآثار المترتبة على هذه النظرية على نطاق واسع من قبل مجموعة متنوعة من الباحثين، ولكن الاهتمام الأولي بهذه الظاهرة ظهر بعد المقتل الوحشي لكاثرين “كيتي” جينوفيز في عام 1964.
فما هي قصتها ؟
كيتي جينوفيز Kitty Genovese
في صباح يوم 13 مارس 1964، عادت كيتي جينوفيز إلى مجمعها السكني، الساعة الثالثة صباحًا، بعد الانتهاء من نوبة عملها في حانة محلية. وبعد أن أوقفت سيارتها في ساحة انتظار مجاورة لمبنى شقتها، بدأت في السير لمسافة قصيرة إلى المدخل الذي يقع في الجزء الخلفي من المبنى.
وبينما كانت تمشي، لاحظت وجود شخص في أقصى نهاية الشارع. غيرت اتجاهاتها واتجهت نحو شارع مختلف، لكن الرجل تبعها وأمسك بها.
وبينما كانت تصرخ، ذهب جيران المبنى السكني إلى النافذة وشاهدوه وهو يطعنها. صرخ رجل من المبنى السكني: “اترك تلك الفتاة وشأنها!” (نيويورك تايمز، 1964).
بعد ذلك، بدا أن المعتدي قد غادر، ولكن بمجرد إطفاء أضواء الشقق، عاد الجاني وطعن كيتي جينوفيز مرة أخرى. ومرة أخرى أضاءت الأضواء وفتحت النوافذ مما أبعد المعتدي عن مكان الحادث.
لسوء الحظ، عاد المعتدي وطعن كاثرين جينوفيز للمرة الأخيرة. جاء الاتصال الأول بالشرطة في الساعة 3:50 صباحًا، ووصلت الشرطة خلال دقيقتين.
وعندما سُئل الجيران عن سبب عدم تدخلهم أو الاتصال بالشرطة في وقت مبكر، كانت بعض الإجابات “لم أرغب في التدخل“؛ “بصراحة كنا خائفين“؛ “كنت متعبا. عدت إلى السرير.” (نيويورك تايمز، 1964).
بعد هذا التقرير الأولي، حظيت القضية باهتمام وطني، حيث علق العديد من القادة على “الانحطاط الأخلاقي” الواضح في البلاد. ( فهي عادة في كل البلدان و المجتمعات )
ردًا على هذه الادعاءات، شرع دارلي ولاتاني في البحث عن تفسير بديل.
ما الذي يحفزك حتى تساعد ضحية ما ؟
قام لاتاني ودارلي (1970)Latané & Darley بصياغة نموذج من خمس مراحل لشرح سبب قيام المارة في حالات الطوارئ بتقديم المساعدة وأحيانًا أخرى لا يقدمون أي شيء.
في كل مرحلة من مراحل النموذج، تؤدي الإجابة ب “لا” إلى عدم تقديم المساعدة، بينما تؤدي الإجابة ب “نعم” إلى اقتراب الشخص من تقديم المساعدة.
المراحل الخمس هي:
على المارة أن يلاحظوا أن هناك شيئاَ غير صحيح
يجب على المارة تعريف هذا الوضع على أنه حالة طوارئ.
ثم يجب على المارة تقييم مدى شعورهم بالمسؤولية الشخصية.
يجب على المارة أن يقرر أفضل السبل لتقديم المساعدة.
يجب على المارة التصرف بناء على هذا القرار.
لماذا يحدث تأثير المتفرج؟ لماذا نتفرج و لا نفعل شيئاً؟
1- شيوع المسؤولية ( إشمعنى أنا ) ( و أنا مالي ) ( مالناش دعوة ) ( هو يقرب لك )
العامل الأول هو توزيع المسؤولية و شيوعها، والذي يشير إلى الميل إلى إزاحة وتقسيم المسؤولية الشخصية للمساعدة على عدد المارة.
يحدث توزيع المسؤولية عندما يتم تقاسم واجب أو مهمة الإنقاذ بين مجموعة من الأشخاص بدلاً من شخص واحد فقط.
عندما تكون هناك حالة طارئة يتواجد فيها أكثر من شخص، يكون هناك توزيع للمسؤولية. هناك ثلاث أفكار لتصنيف هذه الظاهرة:
إن الالتزام الأخلاقي بالمساعدة لا يقع على عاتق شخص واحد فقط، بل على المجموعة بأكملها التي تشهد حالة الطوارئ.
ويمكن تقاسم اللوم على عدم المساعدة بدلا من إلقاء اللوم على شخص واحد فقط.
الاعتقاد بأن أحد المارة في المجموعة سيقدم المساعدة.
اختبر العلماء السابق ذكرهم هذه الفرضية من خلال تصميم حالة للطوارئ وقياس المدة التي استغرقها المشاركون للحصول على المساعدة.
يعتقد دارلي ولاتاني (1968) أنه كلما زاد عدد “الأشخاص” في المناقشة، كلما استغرق الأمر وقتًا أطول للحصول على المساعدة.
وكانت النتائج متوافقة مع تلك الفرضية. كلما كانت المجموعة أصغر، كلما زاد احتمال حصول “الضحية” على المساعدة في الوقت المناسب.
أظهرت هذه التجربة تأثير توزيع و شيوع المسؤولية في ظهور ظاهرة” المتفرج.”
2- الخوف من النقد Evaluation Apprehension
العامل الثاني هي الخوف من التقييم و النقد، والذي يشير إلى الخوف من أن يحكم عليك الآخرون عندما تتصرف علنًا. أو تخاف من أن تفقد ماء وجهك أو تتعرض للإحراج أمام الآخرين . و بالأخص في وقتنا الحالي الذي يجري فيه تصوير كل شيء بالموبايل.
قد يشعر الأفراد بالخوف أو القلق ,و خصوصاً لو إعتقدوا أن هناك مساعدة أفضل أو تدخل أحسن في هذا الموقف، أو قد يقدمون مساعدة غير مرغوب فيها، أو مواجهة عواقب قانونية أو تتسبب في حدوث تبعات خطيرة . ( بصورة مبالغة المشهد المعروف يخصوص البريء الذي يمسك السكين حتى ينقذ الضحية فيتم إتهامه بقتله )
الجهل التشاركي Pluralistic Ignorance
العملية الثالثة هي الجهل التعددي ( كترجمة حرفية ) و المقصود بها الإشتراك بين مجموعة المشاهدين أو المتفرجين في نوعية معينة من التفكير أوتقييم الموقف ، الناتج عن الميل إلى الاعتماد على ردود أفعال الآخرين العلنية عند تحديد موقف غامض.
فأنت الآن تشاهد موقف غامض أو طارئ . و لكن تلاحظ أن لا أحد يحرك ساكناً . فتشك في نفسك وقراراتك بالتدخل مثلا و تضطر أن تلتزم بما قررته الجموع حتى و لو كنت غير متفق مع تفكيرهم أو منطقهم.
مثال على ذلك. ما يحدث أثناء الفصل الدراسي حيث لا يسأل أي تلميذ عما صعب عليه فهمه..
ويرجع ذلك غالبًا إلى الاعتقاد بأن الجميع يفهم المادة، لذلك خوفًا من الظهور بمظهر غير ملائم، فلا يسأل أحد أسئلة توضيحية.
وهذا النوع من التفكير هو الذي يفسر تأثير الجهل التعددي على تأثير المتفرج. الفكرة الشاملة هي عدم اليقين والإدراك. .
إن الغموض وعدم اليقين هو الذي يؤدي إلى تصورات غير صحيحة تتسبب في ظهور موقف مشترك من عدم فهم هذا الموقف الغامض..
يقترح
Rendsvig (2014) عملية من إحدى عشرة خطوة لشرح هذه الظاهرة
. أنا إختصرتهم في 10 فقط
( شاطر )
تتبع هذه الخطوات منظور أحد المارة (الذي سيُطلق عليه اسم المتفرج أ) وسط مجموعة من المارة الآخرين في حالة الطوارئ.
المتفرج أ موجود في مكان محدد. لم يحدث شيء.
يحدث موقف غامض بطبيعته (ليس من المؤكد ما حدث أو ما هي تداعيات الحدث)، ويلاحظه المتفرج “أ”.
يعتقد المتفرج “أ” أن هذه حالة طارئة ولكنه لا يعرف كيف ينظر بقية المارة إلى الموقف.
يفكر في إتخاذ موقف أو رد فعل إيجابي .مثل الهجوم على المعتدي أو الإتصال بالشرطة، ولكن في ظل الجهل التعددي، يختار المتفرج “أ” فهم المزيد عن الموقف من خلال النظر حوله واستيعاب ردود أفعال الآخرين.
أثناء إجراء الملاحظة، لا يدرك المتفرج “أ” أن المارة الآخرين ربما يفعلون نفس الشيء. وهكذا، عند استطلاع ردود أفعال الآخرين، فإن “المتفرج أ” “يسيء فهم” ملاحظة المارة الآخرين للموقف على أنها تقاعس متعمد عن التصرف.
عندما يلاحظ المتفرج “أ” رد فعل الآخرين، يضع المتفرج “أ” رد فعل المتفرجين الآخرين في السياق.
ثم يعتقد المتفرج “أ” أن تقاعس الآخرين يرجع إلى اعتقادهم بعدم حدوث حالة طارئة.
وبالتالي، يعتقد المتفرج “أ” أن هناك حادثًا ولكنه يعتقد أيضًا أن الآخرين لا ينظرون إلى الموقف على أنه حالة طارئة. ثم يغير المتفرج “أ” اعتقاده الأولي.
يعتقد المتفرج ” أ ” الآن أنه لا توجد حالة طوارئ. .
اختار المتفرج “أ” عدم المساعدة لاعتقاده بعدم وجود حالة طوارئ.
يعمل الجهل التعددي على افتراض أن جميع المتفرجين الآخرين يمرون أيضًا بهذه الخطوات العشر.
وبالتالي، فإنهم جميعًا يختارون عدم المساعدة بسبب سوء فهم ردود أفعال الآخرين تجاه نفس الموقف.
تفسيرات أخرى
في حين أن هذه التفسيرات الثلاثة ( شيوع المسئولية , و الخوف من النقد , و الجهل التشاركي ) هي التفسيرات الأكثر شهرة، إلا أن هناك نظريات أخرى يمكن أن تلعب دورًا أيضًا. أحد الأمثلة على ذلك هو
1- الخلط بين المسؤولية. ( فاكرين سمعان القيريني )
يحدث الخلط بين المسؤولية عندما يخشى أحد المارة أن المساعدة قد تؤدي بالآخرين إلى الاعتقاد بأنه الجاني. هذا الخوف يمكن أن يجعل الناس لا يتصرفون في المواقف الصعبة. ( ذكرت هذه النقطة بالأعلى )
2- ذوبان الهوية : في المواقف الإجتماعية وسط الحشود الضخمة يتم ذوبان الهوية فلم تعد أنت أنت. لم تعد متفرداً وبالتالي يقل شعورك بالمسؤولية و تشيع. و ينخفض إحساسك بالذنب و بالتالي تقل معدلات المساعدة .
تجارب علمية
في إحدى التجارب الأولى من هذا النوع، طلب لاتاني ودارلي (1968) من المشاركين الجلوس بمفردهم في غرفة ( بمعنى كل شخص لوحده في غرفة منفصلة ) واستكمال استبيان حول ضغوط الحياة الحضرية.
و فجأة بدأ دخان (بخار في الواقع) يتدفق إلى الغرفة من خلال فتحة تهوية صغيرة بالحائط. وفي غضون دقيقتين، اتخذ 50% إجراءً، و75% تصرفوا خلال ست دقائق عندما انتهت التجربة.
وفي مجموعات مكونة من ثلاثة مشاركين ( بمعنى إنهم لم يكونوا بمفردهم في الغرفة )، استمر 62% منهم في العمل طوال مدة التجربة.
وفي المقابلات التي أجريت بعد ذلك، أبلغ المشاركون عن شعورهم بالتردد بشأن إظهار القلق، لذلك بحثوا عن علامات القلق على الآخرين. ولكن بما أن الجميع كانوا يحاولون الظهور بمظهر الهدوء، فإن هذه العلامات لم تكن واضحة، وبالتالي اعتقدوا أنهم أساءوا تفسير الوضع وأعادوا تعريفه على أنه “آمن”.
وهذا مثال واضح على الجهل التعددي ( التشاركي ) ، والذي يمكن أن يؤثر على الإجابة في الخطوة 2 من نموذج القرار لاتاني ودارلي أعلاه.
يمكن أن يؤثر الغموض الحقيقي أيضًا على عملية صنع القرار.
أجرى Shotland and Straw (1976) تجربة مثيرة للاهتمام توضح ذلك.
لقد افترضوا أن الناس سيكونون أقل رغبة في التدخل في حالة العنف المنزلي (حيث توجد علاقة بين الشخصين) مقارنة بالحالة التي تنطوي على عنف يشمل شخصين غريبين. عُرض على المشاركين الذكور قتال جرى التخطيط له بين رجل وامرأة.
في إحدى الحالات، صرخت المرأة: “أنا لا أعرفك حتى”، بينما في حالة أخرى، صرخت: “أنا لا أعرف حتى لماذا تزوجتك”.
وكان عدد الرجال الذين تدخلوا في الحالة الأولى ثلاثة أضعاف عددهم في الحالة الثانية. توفر هذه النتائج مرة أخرى الدعم لنموذج القرار فيما يتعلق بالقرارات المتخذة في الخطوة 3 من العملية.
من غير المرجح أن يتدخل الناس إذا كانوا يعتقدون أن الحادث لا يتطلب مسؤوليتهم الشخصية.
تقييم نقدي
– في حين أن تأثير المتفرج أصبح نظرية راسخة في علم النفس الاجتماعي، إلا إنه قد تم التشكيك في الرواية الأصلية لمقتل كاثرين جينوفيز. من خلال التشكيك في القضية الأصلية، يتم أيضًا التشكيك في الآثار المترتبة على بحث دارلي ولاتاني.
مانينغ وآخرون. (2007) Manning et al. فعلوا ذلك من خلال مقالتهم “جريمة قتل كيتي جينوفيز وعلم النفس الاجتماعي للمساعدة، مثل الشهود الـ 38”. من خلال فحص وثائق المحكمة والإجراءات القانونية للقضية، وجد المؤلفون ثلاث نقاط تحيد عن القصة التقليدية المروية.
بينما زُعم في الأصل أن ثمانية وثلاثين شخصًا شهدوا هذه الجريمة، في الواقع، لم ير سوى عدد قليل من الأشخاص كيتي جينوفيز ومهاجمها جسديًا؛ بينما الآخرون سمعوا فقط.
بالإضافة إلى ذلك، من بين أولئك الذين تمكنوا من الرؤية، لم يشهد أي منهم حدوث الطعن فعليًا (على الرغم من أن أحد الأشخاص الذين شهدوا قد شاهد بالفعل عملاً عنيفًا ).
وهذا يتناقض مع الفكرة السائدة على نطاق واسع بأن جميع الأشخاص الثمانية والثلاثين شهدوا عملية الطعن الأولية.
وأخيرًا، حدثت عملية الطعن الثانية التي أدت إلى وفاة كاثرين جينوفيز في بئر السلم، وهو ما لم يكن في نظر معظم الشهود الأوائل؛ وهذا ينحرف عن المقال الأصلي الذي ذكر أن جريمة القتل وقعت في شارع أوستن في مدينة نيويورك على مرأى ومسمع من 38 شخصًا على الأقل.
وهذا يعني أنهم لم يكونوا قادرين على رؤية جريمة القتل تحدث جسديًا. إن التقارير غير الدقيقة المحتملة عن الحالة الأولية لم تنفي تأثير المتفرج تمامًا، ولكنها أثارت تساؤلات حول إمكانية تطبيقه والطبيعة غير المكتملة للبحث المتعلق به.
في رأيي الشخصي حتى ولو القصة الأصلية التي أثارت كل هذه الأبحاث و الفرضيات غير حقيقية إلا أن تأثير ” المتفرج Bystander effect “ نلمسه في حياتنا اليومية . و كان علينا أن نكتشفه سواء حدثت حادثة القتل في أمريكا أو لم تحدث.
هل يصلح نموذج المساعدة و التفسيرات اﻷخرى في توضيح كيفية تصرف كل إنسان منا في المواقف الطارئة ؟ أو في كل المواقف أم أن هناك عوامل أخرى ؟
شرودر وآخرون. (1995)
Schroeder et al.
يعتقدون أن نموذج المساعدة على اتخاذ القرار يوفر إطارًا قيمًا لفهم تدخل المارة.
على الرغم من أنه تم تطويره في المقام الأول لشرح حالات الطوارئ، إلا أنه تم تطبيقه على حالات أخرى، مثل منع شخص ما من الشرب و القيادة في نفس الوقت أو اتخاذ قرار بالتبرع بكلية لأحد الأقارب.
ومع ذلك، فإن نموذج القرار لا يقدم صورة كاملة.
إنه يفشل في تفسير سبب اتخاذ قرارات ب “لا” في كل مرحلة من مراحل اتخاذ القرار. وهذا صحيح بشكل خاص بعد أن فسر الناس الحدث في الأصل على أنه حالة طوارئ.
لا يأخذ نموذج القرار في الاعتبار العوامل العاطفية مثل القلق أو الخوف.
كما أنه لا يركز على الأسباب التي تجعل الأشخاص يقدمون المساعدة؛ إنه يركز بشكل أساسي على سبب عدم مساعدة الناس. ( بمعنى من يقدم يد المساعدة لماذا قدمها )
بيليافين وآخرون. (1969، 1981) Piliavin et al. طرح نموذج إثارة التكلفة والمكافأة كبديل رئيسي لنموذج القرار ويتضمن تقييم عواقب المساعدة أو عدم المساعدة.
إن مساعدة المرء أم لا يعتمد على نتيجة الموازنة بين تكاليف المساعدة ومكافآتها. تشمل تكاليف المساعدة الجهد والوقت وفقدان الموارد وخطر الضرر والاستجابة العاطفية السلبية.
تشمل مكافآت المساعدة الشهرة، والامتنان من الضحية والأقارب، والرضا الذاتي المستمد من فعل المساعدة. ومن المسلم به أن التكاليف قد تختلف باختلاف الأشخاص، بل وقد تختلف من مناسبة إلى أخرى بالنسبة لنفس الشخص.
دلائل على وجود الحساب و المسائلة
إحدى المشاكل التي يواجهها المارة في حالات الطوارئ هي القدرة على تقاسم المسؤولية (توزيع المسؤولية).
وفقا لبوميل وآخرون. (2012) Bommel et al. ،فهناك طرق من أجل زيادة و تحسين المساعدات المقدمة في المواقف الطارئة منها :
عندما تكون هناك “إشارات للمساءلة”، يميل الناس إلى تقديم المزيد من المساعدة. إشارات المساءلة هي علامات محددة تتيح للمارة معرفة أن أفعالهم تتم مراقبتها أو تسليط الضوء عليها، مثل الكاميرا. وفي سلسلة من التجارب، اختبر الباحثون إمكانية عكس تأثير المتفرج باستخدام هذه الإشارات.
تم إنشاء منتدى عبر الإنترنت يتمحور حول مساعدة الأشخاص الذين يعانون من “اضطرابات عاطفية شديدة” (بوميل وآخرون، 2012).
استجاب المشاركون في الدراسة لرسائل محددة من زوار المنتدى ثم قاموا بتقييم مدى ظهورهم في المنتدى.
افترض الباحثون أنه عندما لا تكون هناك إشارات للمساءلة و الحساب، فإن الأشخاص لن يقدموا الكثير من المساعدة ولن يصنفوا أنفسهم على أنهم بارزون جدًا في المنتدى؛ عندما تكون هناك إشارات للمساءلة (استخدام كاميرا ويب وإبراز اسم زائر المنتدى)، لن يساعد ذلك المزيد من الأشخاص فحسب، بل سيقيمون أنفسهم أيضًا على أنهم يتمتعون بحضور أعلى في المنتدى.
وكما كان متوقعا، جاءت النتائج متوافقة مع هذه النظريات. وبالتالي، فإن استهداف سمعة المرء من خلال إشارات المساءلة يمكن أن يزيد من احتمالات المساعدة.
أدلة التصوير العصبي و العلوم العصبية ( بلاش تقرأ هذا الجزء …. )
نظر الباحثون إلى مناطق الدماغ التي كانت نشطة عندما شهد أحد المشاركين حالة طوارئ. ولاحظوا حدوث نشاط أقل في المناطق التي تسهل المساعدة: التلفيف قبل وبعد المركزي وقشرة الفص الجبهي الإنسي the pre- and post central gyrus and the medial prefrontal cortex
(Hortensius et al., 2018).
وبالتالي، فإن الاستجابة البيولوجية الأولية للفرد لحالة الطوارئ هي التقاعس عن العمل بسبب الخوف الشخصي. ( يا للهول ) . وبعد هذا الخوف الأولي، ينشأ التعاطف، مما يدفع الشخص إلى التوجه لمساعدة الضحية. وهذان النظامان يعملان بشكل متعارض. أيهما يتجاوز الآخر يحدد الإجراء الذي سيتم اتخاذه.
إذا كان هناك تعاطف أكثر من الضيق الشخصي، فسوف يساعد المشارك. وبالتالي، يرى هؤلاء الباحثون أن قرار المساعدة ليس Reflective ولكنه Reflexive
(Hortensius et al., 2018).
يا ترى هل تعرفون الفرق ؟
Reflective معناه تأملي أكثر . مقصود به التفكير العميق، وغالبًا يتضمن الانعكاس والتحليل الذاتي
مثل : عندما تمارس التفكير التأملي ، فأنت تتأمل تجاربك وعواطفك وأفعالك. إنه عملية مدروسة تشجع على الوعي الذاتي والتعلم
مثل : بعد يوم محفوف بالتحديات، قضيت وقتًا في العزلة التأملية، وتأملت قراراتي
أما Reflexive فتعني الإستجابة التلقائية وغير الإرادية دون تفكير واعٍ , يعني أن الإجراءات اللاواعية تحدث بشكل تلقائي، نتيجة لمحفزات خارجية أو عادات متجذرة
بمعنى أن الموضوع ما يزال في طور الجبرية و ليس الإختيار . ( قاتل الله العلوم العصبية التي نزعت حرياتنا منا ) .
مع أخذ هذا في الإعتبار , فما يزال هناك بعض الباحثين عندهم أمل في وجود عوامل شخصية فردية لابد من أخذها في الإعتبار دون هذا التعميم , عوامل فردية يمكن تنميتها و تشجيعها لكي يكون الإنسان أكثر تعاطفاً و أنا أضيف أقل جبرية .
كيف تتصرف إذا كنت ضحية و الآخرون يتفرجون ؟ كيف أجبرهم على مساعدتي و إنقاذي ؟
وصلنا الآن للسؤال المهم . كيف أتصرف لو أنا هو الضحية . المفروض أن يكون هناك مقالة منفصلة لذلك الموضوع و لكني سأوجز الموضوع في جملة بسيطة .
– إبحث عن أقرب شخص في المحيطين .
– أنظر مباشرة في عينيه .
– أطلب منه المساعدة مباشرة و التدخل السريع.
– حمله المسئولية بشكل شخصي بعبارات واضحة . بل و حمله الذنب أيضاً.