خواطر من وحي كلامكم
كلنا عايزين نتكلم . و عايزين إللي يسمعنا من غير ما يُحكم علينا .
كلنا عندنا أسرار . بس نطلعها لمين ؟؟ !! .
كلنا عندنا آلام و إحتياجات . بس مين إللي يحس بينا و يتعاطف معنا .
منين نلاقي الشخص الأمين إللي نصارحه و نتكلم معه و إحنا مش خايفين أو مكسوفين
علشان كدة عملوا الدكتور النفسي .
لكن المشكلة بتكبر لما يكون الشخص إللي عايز يتواصل معي معرفة أو زميل أو صديق .
فبعد ما بيتغلب على خجله و بعد ما بيكتسب الشجاعة بيتصل بي . أخيراً .
فأنا بسألهم إنت عايز تتواصل معي كطبيب نفسي ولا كصديق و لاكخادم من خلفية دينية و عقائدية معينة ؟
السؤال ده بيلخبطهم أحياناً كثيرة و أسهل إجابة هي … الثلاثة .
و للأسف مش في كل الأحوال ينفع أقوم بالثلاث أدوار في نفس الوقت. و أحياناً كثيرة لأسف أكبر قد يكون هناك تعارض بين الأدوار الثلاثة .
دوري كطبيب نفسي يحترم العلم و القانون يفرض علي أشياء و محاذير كثيرة و يضع علي قواعد ونظم ينبغي علي إحترامها .
و دوري كخادم أو صديق قد يتجاوز بعض القواعد الإدارية المنظمة للجلسة العلاجية. على سبيل المثال مدة الجلسة أو تكلفتها .
و الأصعب لو طلبت رأيي في موضوع معين . الطبيب النفسي الماهر عليه أن يلتزم الحياد . و لن نطيل في شرح هذه النقطة .
أما الخادم و الصديق فلا.
و المشكلة بتستمر و بتكبر لما تكون محتاج تتواصل معي كخادم أو صديق ( أكيد مع خلفية طبية ) ولكن حضرتك تأتي إلي من مدخل طبي نفسي و المشكلة الطبية إللي عندك مش هي السبب الحقيقي إللي دفعك علشان تكلمني و تتواصل معي .
فلو مثلاً إنت عندك مشكلة في العلاقات أو عندك إحتياج معين . و عايز تتكلم معي فيها كصديق .
و بسبب خجلك أو لأي سبب آخر يا إما بتخترع ” عرض ” معين علشان تكلمني أو يكون عندك فعلاً
” العرض ” ده
بس مش هو ده السبب الحقيقي علشان تتواصل معي .
فتقول لي مثلاً :” أنا مش بنام ” .
فشيء طبيعي للأسف أول شيء يتبادر لذهني هو إنك في حاجة ل ” طبيب نفسي ” و أتعامل مع العرض .
و زي ما قلنا مش هو ده السبب الحقيقي لتواصلك معي . فتكون النتيجة يا إما بتقفل مني . يا إما بنضيع ساعات و أيام و شهور علشان ما قلتليش الحقيقة . أو فضفضت بحرية و مصداقية .
و من أخلاقيات و أصول ممارسة الطب النفسي و العلاج النفسي هو إن المعالج ليس هو زوجك أو زوجتك , ليس أحد والديك , ليس صديق تخرج معه في الكافيهات , ليس حبيب.
في الحالة دي أجدني مضطراً أن أعكس الوضع . ماذا لو أتى إلي إنسان يريد أن يتعامل معي كصديق ؟ هل من الأخلاق أن أتعامل معه كطبيب ؟
و هل لو تعاملت معه كصديق ثم إحتاج لطبيب نفسي و لدواء ينفع أرجع أتعامل معه كطبيب نفسي بكل الشروط و القواعد الواجبة ؟
أشك .
و مع ذلك فأنا عايز أقول لك :
أولا: أنا آسف . لإني لم أدرك مبكراً حاجتك للتواصل الإنساني العميق غير المقيد بالقواعد المادية والإدارية .
ثانيا: على الأقل كطبيب نفسي أنا ملزم أخلاقياً و قانونياً بميثاق السرية . فتعال اتكلم معي من غير ما تتكسف أو تخاف على أسرارك . تعال و إخبط الكلام زي ما يكون . تعال و طلع كل حاجة و بعدين نشوف أنت محتاجني كطبيب بيوصف علاج ولا كصديق إنت عايز تفضفض له .
مش عارف لأي مدى ممكن يتفق معي زملائي و اساتذتي . لكن ده إللي أنا بحسه و حسيته.
في ناس كنت عارف إنها عايز تتكلم مش تكشف لكن حبستني في دور الطبيب النفسي . و ناس تانية لسة مكسوفة.
تعالوا و نشوف الدنيا فيها إية .
تحياتي .