يحدث استنزاف الأنا عندما يستنفد الأشخاص كل قوة إرادتهم المتاحة في مهمة واحدة. ونتيجة لذلك، لا يمكنهم ممارسة نفس المستوى من ضبط النفس في المهام اللاحقة، والتي غالبًا ما تكون غير ذات صلة.
للأسف نحن محدودو القوة فيما يخص ضبط النفس و قوة الإرادة . فمواردهم و مخازنهم محدودة .
و بمجرد ما أن نستهلكهم فمستوى ضبط النفس يهبط بالتبعية و هو المعروف باسم : ” إستنفاد الأنا “.
و بصورة مبسطة فقوة الإرادة يمكن تشبيهها بالقوة العضلية التي يمكن تقويتها و إرهاقها.
قوة الإرادة وضبط النفس هما نفس الشيء إلى حد كبير. إذا استخدم المرء طاقته المتاحة ووصل إلى حالة من استنزاف الأنا، فسيكون لديه قدر أقل من ضبط النفس عند مواجهة المهام اللاحقة.
و أعتقد إن كلنا ندرك أهمية ضبط النفس و فائدته. فالأشخاص الذين يتمتعون بمستويات عالية من ضبط النفس هم الأشخاص أصحاب الإنجازات و النجاحات و لديهم علاقات أفضل.
و العكس للأسف صحيح. فالأشخاص الذين يفتقرون لضبط النفس يواجهون صراعات مجتمعية و ضعف في الأداء الأكاديمي و ما شابه من نجاحات في مناحي الحياة المختلفة.
ماذا يحدث عندما يتم إستنفاد الطاقة ؟
نفس ما يشعر به الشخص بعد يوم طويل و شاق و مرهق. فبعد يوم عمل طويل يشعر المرء إنه لم تعد ليه الذدرة على تحقيق أي أهداف شخصية مثلاً أو أسرية . و كل ما يرغب فيه هة المكوث أمام التليفزيون و تجنب القيام بأي شيء.
فما هو تأثير إستنفاد طاقة الأنا على حياتك اليومية؟
1- صناعة القرار : إذا كنت تقوم بالتسوق و أنت تعاني من إستنزاف الأنا فقد تأخذ قرارات شراء غير عقلانية أو متهورة أو لا تفي بالحد المطلوب .
حتى أبسط القرارات قد تواجه صعوبة في اتخاذها و خصوصاً لو تم تخييرك بين عدة خيارات سلعية بناء على معايير الكفاءة أو التكلفة. ففي حالة إرهاق الأنا ستأخذ أسرع و أسهل قرار حتى ولو كان أغلى سعراً أو أقل جودة أو حتى الأسهل في الوصول إلى رفه.
2- تعاطي المخدرات و الإدمان : هناك أبحاث تشير إلى أن إستنفاد التنظيم الذاتي يمكن أن يترك الناس عرضة للسلوكيات الاندفاعية ، والتي تشمل الاستهلاك المفرط أو المزمن للكحول أو أي سلوك إدماني آخر .
قد يؤدي استنفاد ضبط النفس إلى صعوبة المقاومة وقول لا عندما يضرب الإغراء. شيء آخر ارتبط به استنزاف الأنا هو الإقلاع عن التدخين ، مما يساهم في فشل الإقلاع عن التدخين.
3- الأداء العقلي والبدني: تعد الصلابة العقلية والمشاعر والمثابرة ضروريات للأداء الرياضي ، لكن الباحثين وجدوا أن هذه تميل إلى الانخفاض بعد المهام المعقدة التي تفرض تكلفة و مجهود عقلي.
هذا يشير إلى أن استنفاد قوة الإرادة بسبب المطالب العقلية يمكن أن يؤدي إلى تدهور الأداء في المهام البدنية. بالنسبة للطلاب الرياضيين ، قد يشير هذا إلى أن إجراء اختبار صعب قبل المباراة مباشرة قد يضر بأدائهم بالفعل.
4- السلوك المحفوف بالمخاطر: أشارت الدراسات إلى أن استنزاف الأنا يزيد من المخاطرة. على وجه التحديد ، أدى استنزاف الأنا إلى زيادة البحث عن وسيلة لزيادة الأحاسيس و يزيد معها السلوكيات الخطرة و المتهورة سواء كانت بمكافأة أو من غير . بمعنى إذا سألت شخص أقدم على تصرف خطر لماذا فعلته ؟ لو هو مدرك وواعي لمفهوم إستنفاد الأنا سيجيبك إنه كان يبحث عن الإحساس. فلقد فقد و استنفد كل قدراته و مجهوده سابقاً.
و كعادة أي شيء في العلم ( و من باب الأمانة العلمية ) فهناك أبحاث أشارت للعكس أي أن يقل السلوك الخطر و إن كنت أنا شهير أميل أكثر لفكرة السلوكيات الخطرة و المتهورة.
5- تنظيم المشاعر: يشير هذا المفهوم إلى الطرق التي يمكن للشخص من خلالها التأثير على نوع المشاعر التي لديه وإلى متى وشدة تجربته والتعبير عنها.
إذا كان الفرد في العمل طوال اليوم وعاد إلى المنزل بعد التعامل مع المواقف الصعبة التي تجبره دائما على الاستجابة بهدوء ،فهو بذلك استنفد تنظيمه الذاتي. لذلك ، سوف يستجيبون بشكل إنفعالي لأي شيء آخر يحدث في ذلك اليوم.
ما الذي يسبب استنزاف الأنا؟
أكيد هناك عوامل كثيرة ومختلفة تساهم في استنفاد الأنا وتجعل من الصعب التحكم في نفسك واستعادة قوة الإرادة.
كلما زادت العوامل التي تواجهها، كلما استنزفت” الأنا ” الخاصة بك بشكل أسرع. سيصبح من الصعب التحكم في نفسك واستعادة قوة الإرادة بعد ذلك.
1- الإضطراب العاطفي: الاضطراب العاطفي هو أحد عوامل استنزاف الأنا – إذا كان المرء يشعر بالضيق العاطفي ، فسوف تُستنفَد قوة إرادته بسرعة أكبر.
فكر في هذا الموقف:
في مرحلة سابقة كنت قد توقفت عن التدخين . و فجأة أحد معارفك يتعرض لحادث صعب . في خضم توترك و إرتباكك و في لحظة فجائية تطلب سيجارة . لماذا ؟ لإنه من المنطقي أن يتم استنفاد قوة إرادة الشخص بسبب الضيق العاطفي الوجداني.
2- المواقف الجديدة غير الملم بها : ببساطة، يتطلب الأمر المزيد من الطاقة لتجربة شيء جديد. قد يؤدي التواجد في بيئة غير مألوفة أو القيام بأشياء غريبة إلى تسريع استنزاف الأنا. يتطلب التعامل مع شيء جديد قدرًا أكبر من الطاقة المعرفية بدلاً من القيام بنفس الأشياء التي اعتاد المرء على القيام بها.
3- التعب المتوهم : ببساطة ، إذا اعتقد المرء أن الموقف سيكون مرهقا عقليا ، فسوف يصبح مرهَقا عقليا بشكل أسرع.
و هو ما أثبتته الأبحاث حيث أشارت إلى أن التعب الوهمي يستخدم المزيد من القدرات الذهنية مختصة بالذاكرة العاملة working memory مما يتسبب في إرهاقك عقلياً بشكل أسرع . و العكس صحيح.
4- إنخفاض نسبة السكر في الدم : يمكن أن يؤدي انخفاض نسبة السكر في الدم إلى زيادة صعوبة مقاومة الإغراء. إذا كان مستوى الجلوكوز في الدم منخفضا ، يكون لدى المرء طاقة أقل بشكل عام. و هو ما أثبتته الأبحاث . و هناك أبحاث أخرة أثبتت إنك بمجرد أن تتذوق شيء حلو فهذا ممكن يساعد في تحسين قوة الإرادة حتى ولو لم تأكله.
5- الإختيار : إذا شعر المرء إنه لا يملك حرية إتخاذ قرار بفعل شيء ما من عدمه فهذا يستزف قوة إرادته بشكل أسرع . فالإجبار مرهق. و بعد ذلك إذا طُلِب من نفس الشخص أن يتخذ قرار شخصي فمن غير المرجح أن يظهر أي شكل من أشكال ضبط النفس.
6- التنافر المعرفي : إن التصرف أو قول شيء يتعارض مع ما يعتقده المرء يقلل من ضبط النفس أيضا. التنافر المعرفي بين أفعال المرء ومعتقداته يرهق أي شخص ، مما يتسبب في استنزاف الأنا بشكل أسرع.
يمكن معرفة المزيد عن النشاز المعرفي من هنا.
7- العمر : يمكن أن يؤثر العمر على مدى سرعة حدوث استنزاف الأنا. الأبحاث التي تقارن مدى إتنزاف الأنا في مراحل العمر المختلفة تعتبر قليلة . و مع ذلك فهناك أبحاث أشارت إلى أن كبار السن أكثر مقاومة لإستنزاف الأنا من الشباب. ( أعتقد إننا نلمس ذلك في ملاحظاتنا اليومية فيما نسميه هشاشة الشباب ) .
8- الهورمونات : أولئك الذين يمرون بمتلازمة ما قبل الحيض
Premenstrual dysphoric disorder PMDD
يظهرون علامات و مؤشرات على عدم القدرة على ضبط النفس. وكانت هناك دراسة ربطت بين استنزاف الأنا لديهن والطاقة العالية التي يحتاجها المبيضان، حيث إنهما يعملان بجهد أكبر خلال هذا الجزء من الدورة الشهرية.
كيف تعوض نضوب قوة الإرادة و إستنزاف الأنا على المدى القصير ؟
كيف تضبط نفسك ؟
1- مشاعر الرضا:
المدخنون المرهقون و المتعبون و المستنزفون في أعمالهم إذا شاهدوا مقطع فيديو كوميدي أو تلقوا هدية لوحظ إنهم يدخنون بنسبة أقل من أقرانهم الذين لم يحصلوا على أي مشاعر إيجابية.
فالمشاعر الإيجابية حتى الضمنية منها و الرسائل اللاشعورية قاومت إستنزاف الأنا و ضعف الإرادة .
و بالتالي أو في الأصل فإن التحلي بمشاعر الرضا يدرأ آثار النضوب. و الكلام هنا عن مشاعر الرضا بصفتها مشاعر إيجابية لإن هذه المشاعر يمكن لها أن تستمر على مدار اليوم أو العمر بغض النظر عن أحداث الحياة.
2- الإيمان و الروحانية:
بما إننا تحدثنا في النقطة السابقة عن مشاعر الرضا فهي بلا شك مرتبطة بالإيمان و الروحانية . فالصلاة عامل مهم لتقوية ضبط النفس و تحسين قوة الإرادة . فأن تستمد قواك من القوة العظمى ( الله كيفما نفهمه ) و هو معين لا ينضب له تأثير قوي على استمرارك بقوة في الحياة.
3- توكيد الذات:
التحلي بالمُثل العليا و القيم الذاتية يُحيد آثار نضوب و إستنزاف الأنا. فمعرفة قيمك الأكثر أهمية بالنسبة لنفسك و الإنخراط في تأكيد ذاتك و ماتؤمن به و ترغب فيه بشدة يساعد على القضاء على الآثار المترتبة على مهمة شاقة و مرهقة .
فهي تبدأ مبكراً منذ لحظة حثك لنفسك على النظام و الترتيب لتراقب مشاعرك و أفكارك و سلوكياتك حتى تصل إلى القيمة و المعيار الذي تؤمن به أو النتيجة المرجوة. و من ثم فما تدربت عليه يصبح في حد ذاته قيمة و دافع داخلي مستمر تقاوم النضوب.
فالأشخاص الذين إضطروا و تدربوا على ضبط النفس في نشاط سابق و أكملوا مهماتهم بعبارات مثل ” أنا فعلت .. أنا استطعت ” كان أداؤهم افضل من أولئك الذين لم يشيروا إلى ذواتهم أبداً.
4- المسئولية:
توجية و إرشاد الناس إلى تحمل المسئولية عن أفعالهم و إحساسهم بالإستقلالية يمكن أن يقلل من آثار النضوب و الإستنزاف للأنا. فعندما تسمع قصة ملهمة لشخص مشهور أو رياضي تغلب على العديد من العقبات ليصبح حامل لرقم قياسي عالمي مثلاً يؤدي إلى تقليل آثار النضوب.
فالدوافع تتفاعل مع نفقات ضبط النفس.
التحفيز و التشجيع على المثابرة و الإستمرار و ذكر ذلك بصوت عالي وإيمان داخلي يؤدي إلى تحقيق نتيجة جيدة في مقاومة النضوب.
( عاش يا بطل ).
5- السلطة و الرقابة:
أظهرت الأبحاث أن وجود سلطة و رقابة على أداء مهمة معينة ممكن أن يكون له تأثير في مواجهة إستنزاف الأنا و نضوب قوة الإرادة ولكن …
و لكن لفترة قصيرة. فالتحفيز الذي يحصل عليه التابع أو المرؤوس من رئيسه أو قائده يؤدي لنفاذ مخزونه من قوة الإرادة وضبط النفس بدلاً من إستمرارية هذا المخزون الطاقي.
6- المال :
حافز قوي و مهم. فالإشارات التي تذكر الناس بالمال، مثل العبارات المتعلقة بالدخل، أو القصص عن الأثرياء و كيف حققوا ثرواتهم، أو التعامل مع أموال اللعب، تعمل على تنشيط الاستجابات الجريئة والسعي وراء الهدف. و يمكن ملاحظة هذا عبر نمطك في مشاهدة فيديوهات اليوتيوب التي تتحدث عن كيفية تحقيق الأموال و كسبها. حتى ولو كان بشكل غير مباشر.
7- معتقداتك عن مفهوم ضبط النفس:
أساساً. هل تؤمن بمفهوم ضبط النفس ؟ فإلى أي مدى تؤمن إنك تملك القدرة للسيطرة على ذاتك ومشاعرك و إحتياجاتك ؟ فبمقدار إيمانك يكون إيمانك بهذه الخطوات السابقة و اللاحقة.
8- التخطيط المسبق:
يقلل التخطيط الفعال من الحاجة إلى اتخاذ قرارات جديدة في كل خطوة و ما يصاحبها من مجهود ذهني على اﻷقل و بالتالي تتحرر موارد ضبط النفس.
و هو ما أثبتته اﻷبحاث في كيفية أن التخطيط السليم يوفر الموارد الذاتية للمهام التالية.
9– الراحة :
ليست رفاهية. بل شيء ضروري و حيوي لتعويض مخزونك من قوة اﻹرادة و اﻷنا و بالتالي ضبط النفس
لقد ثبت أن الراحة بعد استخدام ضبط النفس في مهمة واحدة وقبل اﻹنخراط في مهمة أخرى تعمل على تحييد آثار استنفاد الأنا.
على سبيل المثال، طُلب من المشاركين في إحدى الدراسات الموازنة على ساق واحدة والعد التنازلي من ألفين إلى سبعة، وهو (كما يمكنك أن تتخيل) نشاط عقلي وجسدي مرهق للغاية.
قبل أداء مهمة أخرى، أخذ المشاركون استراحة، أجابوا خلالها على أسئلة سهلة في استبيانات الاختبار.
و كانت النتيجة أن المشاركين الذين حصلوا على فترات راحة أطول كان أداؤهم أفضل ممن حصلوا على فترات راحة قصيرة أو قصيرة للغاية و مقاربة لمن لم يشترك في التجربة الذهنية و البدنية اﻷولى.
تعزيز ضبط النفس على المدى الطويل:
بالرغم من إن المجهود البدني مثله مثل ضبط النفس يؤدي إلى اﻹرهاق و الضعف في اﻷنشطة اللاحقة التي تتطلب القوة و الصبر والجلد , إلا إنه على المدى الطويل يؤدي المجهود البدني مثل ممارسة الرياضة و ضبط النفس , إلى زيادة القوة و القدرة على التحمل. بالإضافة إلى ذلك، فإن وضع خطط للمتابعة في سيناريوهات مستقبلية محتملة التعقيد يقلل من عدد القرارات التي يجب اتخاذها أو تجاوز الدوافع في ذلك الوقت، مما يوفر موارد ضبط النفس.
1- الممارسة و التدريب:
لوحظ إنه ممارسة ضبط النفس في مجال من المجالات يمكن أن يحسن و يدفع في إتجاه ضبط النفس و التنظيم في مجالات أخرى و مهام أخرى. فعلى سبيل المثال يمكن تعزيز قدرات ضبط النفس من خلال مراقبة وتحسين عادات الدراسة أو القرارات المالية أو ممارسة الرياضة بانتظام.
و الممارسة و التدريب لها فوائدها المعروفة في اﻹقلاع عن السلوكيات اﻹدمانية. فإدخال عادات جديدة صحية و نمط حياة جديد حتى ولو أقرب للروتين يساهم بشكل فعال في اﻹقلاع عن الإدمانات المختلفة عن طريق تقوية فكرة اﻹلتزام بالنظام و التوقيتات المختلفة مما يعزز فكرة ضبط النفس عامة.
2- العادات:
تكملة للنقطة السابقة. تشكيل العادة في أوله قد يكون مرهقاً و يحتاج وقت ومثابرة. إلا إنه فيما بعد يتحول إلى استجابة غريزية نمطية للغاية و التالي تتطلب و تستنفد قدراً أقل من الطاقة الذهنية وتوفيراً أكثر في موارد ضبط النفس لمهام أخرى في الحياة.
فالعادة و بطبيعة الحال نتحدث عن العادات الجيدة تجعلك أقل عرضة للإغراءات. فعادة الذهاب للصالات الرياضية بشكل متكرر و منتظم و مستمر تنمي لديك فكرة النظام و اﻹلتزام و قدرة أكبر على ضبط النفس و مجهود ذهني أقل في مواجهة الصعوبات الحياتية فالفكرة هي في التنظيم الذاتي والجداول غير العشوائية.
حتى العادات البسيطة مثل ترتيب سريرك كل صباح فور اﻹستيقاظ , أو غسل اﻷطباق مباشرة بعد اﻹستخدام , أو التخلي عن الحلويات كل هذه عوامل تدفع في إتجاه تحسين قدرتك على التحكم بنفسك في مجالات أخرى.
فالتخطيط ثم الممارسة المنتظمة ثم العادة كل هذا يوفر الوقت و الجهد و يحفظ مخزون طاقة
” اﻷنا ” ﻷشياء أخرى في الحياة.
كيفية التغلب على استنزاف الأنا ؟
عندي لك خبر سيء. معرفتك بكل ما سبق و إدراكك لفكرة إستنزاف اﻷنا ليس بعذر لكي تتخلى عن أحلامك. و السيء في ذلك إننا ستكون مضطراً لبذل المزيد من الجهد واﻹنضباط لكي تحقق هدفك و حلمك ..فهيا بنا.
1- كل الضفدع:
فكرة معروفة من كتب التنمية الذاتية. هذه تقنية كلاسيكية لإدارة المشاريع تأخذ الأمور إلى عمق جديد تمامًا في سياق استنفاد الأنا.
المفهوم الكامن وراء عبارة “أكل الضفدع” هو أنه يجب عليك ببساطة القيام بالشيء الأكثر تحديًا في يومك أولاً – حتى لو كان ذلك يعني تناول حيوان برمائي بالفعل. قم بإعطاء الأولوية للقيام بالمهمة الأكثر أهمية وصعوبة قبل استنفاد قوة إرادتك لهذا اليوم.
2- استخدم عبارة ” …إذا … فعندئذ “
هذه الفكرة تصلح ليس فقط في تأجيل المتع اﻹدمانية و العادات السيئة بل أيضاً في كل السلوكيات المتهورة أو في أي شيء يريد أن يبعدك عن هدفك و حلمك . أنت تعرف ما يعيقك و ما يتسبب لك في عثرات أو أي سلوك متهور. لذلك فعليك أن تضع له خطة مسبقة قبل أن تتواجه معه.
فملاً أنت الآن تعاني من اﻹرهاق الذهني و إستنزاف في قدرات ” اﻷنا ” و تتصفح اﻹنترنت بدون هدف و تفاجئ بسلعة معينة تظهر فجأة فيسيل لعابك . فقبل أن تتهور في شراء شيء بدافع التهور أو بدافع تسكين اﻹحتياج فيمكنك مثلاً أن تحفظ صفحة الشراء لوقت لاحق عندما تكون حالتك البدنية و الذهنية في وضع مثالي أفضل لتقرر الشراء من عدمه .
فأنت تحتاج لخطة مبنية على معرفتك بذاتك و متى تكون معرض لمثل هذه المواقف.
3- القليل من الطاقة لا يضير.
أوضحنا سابقاً أن الحالة البدنية و المجهود الذهني يستنزف طاقتك فلا تعد لديك القدرة على مجابهة أي موقف جديد أو طارئ.
من هنا أهمية أن تعوض مخزون الطاقة المستنفد بأكثر شيء يحبه المخ و هو الطاقة . اﻷبحاث تقول القليل من الجلوكوز . لا بأس مع مراعاة الشروط الصحية و الطبية في هذا الشأن .
بعض اﻷبحاث أشارت إلى إنه يمكنك فقط تذوق القليل من السكر . فهذا كاف لكي يجعلك سعيد ومنتعش.
4- كن إيجابياً وواعياً:
على غرار تناول شيء حلو لتحسين مزاجك، فقد ثبت أن المزاج الإيجابي بشكل عام يقاوم آثار استنزاف الأنا. لذلك، حاول أخذ قسط من الراحة لمشاهدة مقطع فيديو مضحك أو قضاء بعض الوقت مع حيوان أليف خاص لتنشيط عقلك.
للتأكد من عدم تشتيت انتباهك لفترة طويلة، اضبط مؤقتًا لمدة خمس أو عشر دقائق حتى تتمكن من العودة إلى مهمتك التي بين يديك.
5- أحصل على قسط من الراحة:
يرتبط الحصول على راحة جيدة بكل من الحالة المزاجية المحسنة والأداء العقلي السليم. فاﻷجازات و قبل منها الحصول على قسط وافر من النوم يساعدان على تقليل آثار إستنزاف اﻷنا . و لكن تذكر ألا تبالغ فيهما.
6- الحد من التعرض للمغريات أو للمثيرات:
هذا مبدأ في التعافي من اﻹدمانات معروف و مشهور ولازم لمسيرة التعافي. حتى في محاولاتك لتقليل الوزن فبعد عن اﻷصدقاء الشرهين في ألكل أو إعلانات الأكل يساعدك على تقليل الوزن وتناول أكل صحي. فكلما جعلت الأمر صعباً و بعيد المنال كلما حققت نتائج أفضل.
الخلاصة :
موضوع إستنزاف اﻷنا وقوة اإرادة من الموضوعات المهمة و التي من وجهة نظر العلم تحتاج لمزيد من البحث . و بالرغم من ذلك إلا إننا بالملاحظة في حياتنا نستطيع أن نلمس كل القرارات الخاطئة التي إتخذناها بسبب إرهاقنا النفسي قبل البدني .
كما أشرنا فاستنزاف اﻷنا و نفاذ مخزون قوة اﻹرادة يؤثر سلباً على قرارات الشراء مثلا , أو أدائنا في الرياضات التي نحبها أو في التفاعلات اﻹجتماعية أو حتى في سلوكيات تناول الطعام و السمنة.
و مادمنا وصلنا لهذه النقطة فهناك تشابه بين برامج علاج السمنة و برامج التعافي من السلوكيات اﻹدمانية.
كنا قد ذكرنا باﻷعلى جزء من اﻹحتفاظ بمخزون طاقتنا النفسية لتحقيق أهدافنا هو البعد عن المثيرات و المغريات.
و النقطة اﻷخرى هي إنه في حالة خروجك منتصر من صراع نفسي عنيف مع أحد المثيرات أو المواقف عالية الخطورة هذا في حد ذاته يستنزف كل طاقتك مما يعرضك للسقوط مع أقل مثير يلي ذلك.
لذلك فنصيحتي لك بعد الخروج من المعركة عليك أن تأخذ إستراحة محارب. إختبئ في مكان هادئ . تناول وجبة جيدة لكي تعوض مخزون الطاقة البدنية و الجلوكوز المستنفد في المعركة . ابن طاقتك النفسية بالراحة و الهدوء و التأمل و عمل شيء يمتعك و يدخل على قلبك البهجة .
ختاماً أتمنى لك حياة هادئة بعيدة عن كل اﻷطباء . تحياتي.