المعرفة و الكسل

لماذا نتجنب القيام بما هو بما هو” الأفضل” بالنسبة لنا ؟ و كيف نتغلب على مقاومتنا للتغيير ؟

اليونانيون القدماء سموها

Akrasia

أي الافتقار إلى القيادة و ضبط النفس أو التصرف ضد ما هو أفضل للفرد .1 أو كما يسمونها البوذيون و المعالجين النفسيين مقاومة التغيير . أو كما نسميها أنا و أنت التسويف و التأجيل .

أو كما أطلق عليها

Jeffrey Pfeffer and Robert Sutton

الفجوة المعرفية “knowing-doing gap “2

و هي ببساطة معرفتك بما هو أفضل شيء عليك القيام به و لكنك لا تفعله أو في أسوأ الأحوال تفعل العكس .

يخبرنا الحس السليم إنه إذا استيقظنا مبكراً و تحلينا بالأفكار الإيجابية و تحدثنا بالصدق و الأمانة و تواصلنا بشكل عفوي و بذلنا المزيد من الجهد في عملنا و مذاكرتنا و غفرنا للآخرين فإننا سنعيش حياة أفضل بكثير مما هي عليه الآن .

و هنا تظهر المعضلة لماذا نختار خلاف ما ذكرناه سابقاً ؟ لماذا نقاوم أن نكون أفضل ؟ لماذا نحن هكذا ؟

علينا أن نفهم لماذا نقاوم التغيير بغية تحليلها و التغلب عليها .

عايزين نستريح .. الحاجة أم الإختراع .

في أسباب كثيرة جداً وراء قيامنا بتخريب ذواتنا و حيواتنا و أغلب هذه الأسباب منبعها ببحثنا عن الراحة .

عايزين نستريح . فمجتمعنا الحديث الحالي هو نتاج آلاف السنين من معاناة البشر و بحثهم عن الراحة . فحاجتهم للراحة دفعتهم للبحث و التطوير و الإختراع . و المثل الشائع منذ طفولتي هو أن الدافع وراء إختراع ريموت التليفزيون هو أن نرتاح و لا نحتاج للقيام من أماكننا .

فكل قيم المجتمع و ابتكاراته و ثقافاته و ثرواته لكي تقنعنا أن ” الحياة الجيدة ” هي الحياة المريحة الآمنة الخالية من المشاكل و الصعوبات أو تساعدنا على تجنب الألم . فهذا شيء فسيولوجي تطوري في أدمغة الإنسان و هي حاجته للراحة و بالتالي سينجو من مشقات الحياة . و هذا استمر و انعكس على حياتنا الفكرية و العاطفية فأصبحنا نخاف من الآخر و علاقاته حتى لا نتألم نفسيا .

فكيف نتجاوز مقاومة التغيير ؟

لأن أي تغيير هو مرهق و يحمل قدراً من الخسارة فنحن لا نتغير بسهولة . و لكي نتجاوز هذه المقاومة للتغيير علينا أن نغير إدراكنا ووعينا لمفهوم الراحة . فبدلاً من أن نركز على ألم التغيير و المواجهة علينا أن نفكر في ثمن البقاء على نفس الوضع في منطقة كسلنا .

إذا تركت دون تحديد ، فستترك لك فجوة المعرفة والممارسة جزءًا من

شخص كنت تنوي أن تكون. سوف يدمر علاقاتك الأكثر حميمية وعاطفة ، ويمنعك من نوع الإنتاجية اليومية المطلوبة لتحقيق أي هدف يستحق العمل من أجله. سوف يبقيك في حالة هوس من التردد (هل أنا أو لا أفعل؟ ما هو الشعور الذي أسمح لي بإرشادي؟). عليك أن تتحكم بنفسك ، ويمكنك القيام بذلك من خلال التفكير في الصورة الكبيرة.

البديل. ستكون الطريقة التي ستكون عليها حياتك إذا لم تفعل هذا الشيء.

كيف ستقيس بشكل كمي هذا العام؟ ماذا ستفعل؟

إذا لم تحدد ما ستفعله بحياتك فستصبح الفجوة المعرفية أكبر و ستشكل قوقعة تحبس نفسك بداخلها من أن تكون الشخص الذي ترغب بشدة في أن تكونه .

هذا التسويف و التأجيل سيسحق علاقاتك الحميمية و العاطفية و يمنعك من قياس إنتاجيتك اليومية المطلوبة من أجل إنجاز العمل تجاه الهدف المنشود . ستصبح في حالة دائمة من التردد ( هل أفعل أم لا أفعل ؟ هل أتغير أم لا ؟ ما هو الشعور الذي سأسمح له بإقتيادي ؟

عليك أن تتحكم في نفسك و تقودها من خلال النظر للصورة الكبيرة المستقبلية . و مقارنتها بالصورة الحالية إذا لم تفعل و تتغير .

كيف ستُقاس كمياً هذا العام ؟ بمعنى كيف سنقيم إنتاجيتك هذا العام ؟ ما الذي ستفعله ؟

هل ستضيع ساعاتك و أيامك ؟ إذا كنت ستعيش اليوم – أي يوم عادي – متكرراً لبقية حياتك , فأين ستنتهي ؟

ماذا ستحقق ؟ ما مدى سعادتك ؟ هل ستعزز علاقاتك ؟ هل ستنظر للوراء لترى الأشخاص الذين فقدتهم بما فيهم حب حياتك لأنك لم تكن مستعداً ؟ هل ستتعلم مهارة جديدة ؟ عزف الموسيقى أو الكتابة أو الرسم أو لغة جديدة ؟

لماذا تتسع الفجوة المعرفية أو لماذا نلجأ للتأجيل و التسويف؟

لإننا نريد أن نكون مستعدين و لا نرغب في الإقدام قبل أن نشعر بأننا مستعدين . و لكننا للأسف فحيلة الإستعداد هي مضيعة للوقت ووسيلة خبيثة من أجل أن نظل داخل مناطق راحتنا وكسلنا .

يتزايد القلق في ساعات الخمول لدينا. يزدهر الخوف والمقاومة عندما نكون كذلك

تجنب العمل. معظم الأشياء ليست صعبة أو تحاول كما نضعها بالطباشير. إنها في النهاية ممتعة ومجزية وتعبر عن هويتنا حقًا. لهذا السبب نريدهم. سيذكرك اتخاذ خطوات صغيرة أن هذا صحيح. سوف يهدئك بطريقة لن يفكر فيها مجرد التفكير في اتخاذ إجراء. من الأسهل أن تتصرف بطريقة جديدة في التفكير بدلاً من التفكير في طريقك إلى طريقة جديدة للتصرف ، لذلك افعل شيئًا واحدًا صغيرًا اليوم ودع الزخم يتراكم.

في أوقات كسلنا و خمولنا يتزايد القلق لدينا . و في كل مرة نتجنب أن نعمل يزدهر الخوف و المقاومة .

معظم الأشياء و القرارات الحياتية ليست صعبة كما ييصورها لنا عقلنا الباحث عن الكمون و الراحة .

في نهاية مسيرة العمل سنجد إنها ممتعة و مجزية و تعبر عن هويتنا . لهذا السبب حلمنا بها و أرادناها .

إتخاذنا لخطوات صغيرة للأمام سيشعرنا بأننا على طريق الصواب . سينعشك هذا الشعور بشكل لم تكن تتخيله .

إبدأ بخطوة واحدة اليوم حتى ولو كانت صغيرة و دع الزخم يغمرك و يتراكم .

و ختاماً أشكر القوة العظمى التي بداخلك التي تؤمن أن هناك شيئاً أعظم لك حتى ولو كان على حساب راحتك و كسلك .

1 https://en.wikipedia.org/wiki/Akrasia

2 Pfeffer, Jeffrey. The Knowing-Doing Gap: How Smart Companies Turn Knowledge Into Action.

2000. Harvard Business School Press.

الصور من موقع pexels.com فشكرا .

Netflex Photo by freestocks.org: https://www.pexels.com/photo/back-view-of-a-woman-sitting-on-a-sofa-and-watching-television-14756354/

Life will not wait Photo by Brett Jordan: https://www.pexels.com/photo/wood-typography-photography-blur-7939943/

why not now Photo by Brett Jordan: https://www.pexels.com/photo/brown-wooden-blocks-on-white-table-11353879/

This is the day Photo by Brett Jordan: https://www.pexels.com/photo/brown-wooden-blocks-on-white-table-11344332/

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top