يمكن للحب الرومانسي أن يطغى على عقلانيتك ما لم تفعل ذلك.
في الثمانينات كان هناك مسلسل رائع اسمه الحب و اشياء أخرى بطولة الرائع ممدوح عبد العليم و كفى . و كما يبدو من عنوانه فهو يناقش قضية الحب و أيضاً السيطرة . للأسف هذا المسلسل إختلط مع مفاهيم الكاتب بخصوص الطبقات الإقتصادية و الصراع الراسمالي و غيرها مما افسد روعة المسلسل .
و بالرغم أن هذه المقالة بعيدة قليلاً عن مغزى المسلسل إلا إنها تتماس معه في أن الحب وحده لا يكفي .
هل هناك شيء أهم من الحب؟
نعم ، هناك .
لكن هذه الخاصية الأساسية يمكن نسيانها في ثقافة تُقدس الحب الرومانسي.
هل هناك من يؤمن بالحب الرومانسي أصلاً ؟ الإجابة ايضاً نعم .
سأحكي لكم كيف أن الجوع للحب يطغي على تصرفاتنا و يفقدنا حكمتنا أحياناً لدرجة العمى سأحكي عن بعض المشكلات التي تواجه علاقاتنا بشكل عام مـتأثراً بما آراه من حالات تعاني بسبب الرغبة المميتة في الشعور بالحب و القبول . دعنا نلقي نظرة على سبب انتشار الحيل الرومانسية ….
عبادتنا للحب الرومانسي
المشكلة في قصة سندريلا ، يتم تعليم الفتيات الانتباه إلى الأمير الجذاب حتى يتمكنوا من العيش “بسعادة دائمة”.فالأمير الذي لا ينقصه شيء لن تقف الفوارق الطبقية حائل بينهما .
هل ستركز مقالتك على الفتيات ؟ ربما لإني متأثر كما قلت بما آراه من حالات تعاني . ربما هذا هو سبب وقوع العديد من النساء في عمليات الاحتيال الرومانسية أكثر من الرجال. تشرح عالمة النفس كيلي كامبل ، التي درست كلاً من ضحايا ومرتكبي عمليات الاحتيال الرومانسية ، أن النساء أكثر عرضة للوقوع ضحية لأنه “مقارنة بالرجال ، فإن النساء أكثر توجهاً نحو العلاقات الاجتماعية تجاه الآخرين ورغباتهن في القصص الخيالية أو الأحلام الرومانسية .
ليس الحب الرومانسي غير مهم. فالحب شعور فريد ورائع ، و إلا لما كنا نملك هذا القدر المهول من أغاني الحب و العشق و الهيام .
و بالمناسبة أستطيع أن أدعي أن المطرب الذي يريد النجاح هو الذي يعبر عن ضعفاته أمام محبوبته و قارنوا كل الأغاني التي تسببت في شهرة اصحابها . ما علينا فلنعد لموضوعنا .
عندما تقع في الحب ، وتندفع المواد الكيميائية عبر جسدك وعقلك ، قد تشعر “بنشوة” مثيرة من “مخدر الحب”. علاوة على ذلك ، يمكن أن تساعدك هذه المشاعر على الارتباط بشريكك في المستقبل ،و وفقًا لبعض العلماء فإن حب شخص آخر ، أو تجاه الإنسانية بشكل عام ، يمكن أن يدفع الناس أيضًا إلى القيام بأعمال كريمة ونبيلة و أخلاقية و خدمية.
لكن عملية الإنجذاب الطبيعية لها جانب مظلم ، فكما نعلم جميعاً المقولة التي تقول إن الحب أعمى يقوده الجنون ! ففي جوهر الحب الرومانسي ، الوقوع في الحب يشبه الإدمان على حبيبك.
فعندما تسير العلاقة بشكل جيد لا نلاحظ مدى تعلقنا أو مدى صحة هذه العلاقة و لا نعتقد أن هناك مشكلة . إنه فقط عندما تسير علاقاتنا بشكل جيد ، لا نفكر في إدمان الحب على أنه مشكلة. في الواقع ،أنا سعيد و هي سعيدة .
تظهر المشكلة عندما تشعر بأنك مدمن على شخص غير صحي بالنسبة لك. لذلك ، على الرغم من أنه لا يوجد إضطراب اسمه إدمان الحب، فإن إدمان الحب هو مصطلح يستخدم غالبًا لوصف نمط من الأعراض الضارة التي تتمحور حول اهتمام بالحب حالي أو سابق يتسبب في عواقب سلبية على حياة الشخص .
عندما يؤلم الحب
يبدو أن “إدمان الحب” يفسر على الأقل جزءًا من المشكلة لضحايا الاحتيال الرومانسي. يمكن أن تكون الجملة الشهيرة “سأفعل أي شيء من أجل حبك” هي الأغنية الرئيسية للعديد من النساء اللواتي يتعرضن للخداع من قبل المحتالين الرومانسيين. هل نريد أمثلة على ذلك ؟
لا أظن .
قالت لي:” لا أتصور الحياة بدونه . فهو كل شيء . مع الكثير من الكلام المثالي و التصوير الخيالي . و عندما أتزوجه لن أتركه أبدًاً حتى و لو ضربني و شتمني و مسح بي البلاط ” .
الجوع للحب !
هناك حادثة منشورة الآن في أمريكا تدور رحاها بين سيدة أمريكية 81 سنة و شاب نيجيري يبعد عنها آلاف الأميال . و لأنه محترف نصب و يعرف كيف يبتزها بدأ يساومها بلا شيء سوى بحبه . و حتلى لا تفقد حبه و هيامه بدأت ترسل له الأموال بل بدأت تتمادى لدرجة بيعها لممتلكاتها في سبيل إرضاءه .و بالرغم من وقوعها في مشاكل قانونية جمة إلا إنها ما تزال تناديه ( حبيبي )
فالأحلام تموت بصعوبة.
من هو عرضة للخداع؟
“هل تعتقد إنه لا يمكن خداعك ؟ فكر مرة أخرى ، فأي نصاب ينجح لإنه يلعب على جوع زبائنه و نحن في هذه الحالة جوعى للحب. يمكن لضحايا مثل هذه الحيل أن يكونوا أذكياء للغاية. ومع ذلك ، إذا كانت لديهم احتياجات عاطفية غير ملباة ، فهم معرضون للخطر. فمهما بلغ منا العمر سنظل في إحتياج لشيء ما .
هل نلوم الضحايا ؟ هل نلوم الجوعى ؟ بالطبع لا . و لكن هدف المقالة هو إلقاء مزيد من الضوء على إحتياجاتنا و رغباتنا حتى لا نقع ضحايا أو تعمى بصيرتنا .
قد نقع بسهولة في سراب الحب و خداع الرومانسية و قد لا نلاحظ السلوكيات و الصفات الشخصية المزعجة للطرف الآخر و السبب ببساطة هو لأنني ” أحبه ” .
و نعود لمسلسلنا ” الحب و اشياء أخرى “, فحب السيطرة و التملك و الخضوع للأسف جرى خلطه بقيم الصراع الطبقي كما قلت سابقاً مما أفسد المغزى من الحب الصحي و العلاقة السليمة .
الشيء الأكثر أهمية من الحب
ما الذي يمكن أن يساعدنا عندما نصبح ضحايا لأفكارنا الخاطئة عن الحب؟ يعيدنا هذا السؤال إلى السؤال الأصلي: “هل هناك ما هو أهم من الحب؟” إذا كان الأمر كذلك، فما هو؟
الجواب هو .التكامل الشخصي
تستند فكرة التكامل الشخصي على ركيزتين أساسيتين:
1) احترام الذات
2) الالتزام بقيمك.
يمكن أن يشمل احترام الذات الحماية الذاتية والرغبة في البقاء و السعي نحو الأفضل و التعافي والرعاية الذاتية و العمل على تنمية القدرات . يمكن أن تتضمن قيمك قيم العلاقة مثل كونك طيبًا وجديرًا بالثقة وموثوقًا ، جنبًا إلى جنب مع القيم الإنسانية والأخلاقية مثل الصدق والوفاء بالالتزامات. الالتزام باحترام الذات والقيم والعمل على أساسهما يمكن أن يعيد إحساسًا مكسورًا بالذات.
كيف تعرف ما إذا كانت علاقتك تشكل تهديدًا لسلامتك الشخصية؟ فيما يلي بعض إشارات الخطر:
يطلب منك “حبك” الكذب أو السرقة أو الغش من أجله.
يطلب منك “حبك” المخاطرة بسلامتك من أجله.
هو أو هي يسيء معاملتك أنت أو أي شخص آخر جسديًا أو جنسيًا أو لفظيًا.
يحاول هو أو هي التحكم في أفعالك ، مثل من يمكنك رؤيته ومتى يمكنك رؤيته وما إلى ذلك.
علامات أخرى تنذر بالسوء على أن سلامتك الشخصية قد تكون في خطر:
أنت تضع رغبات شريكك ووسائل الراحة الخاصة به فوق رغباتك على أساس منتظم.
تجد نفسك تقول “نعم” للأشياء الصغيرة والكبيرة التي لا تشعر بالراحة معها.
أنت تتحمل الوقاحة من شريكك أو تحاول أن تجد لها تفسيراً.
لسوء الحظ ، يعتقد الكثير من الناس أن الحب يعني فعل ما يريده الشخص الآخر. “إذا كنت تحبني حقًا ، فستفعل ذلك من أجلي” ، هذا هو التهديد ، الصريح أو الضمني ، ليس فقط الحبيب المخادع ولكن الأشخاص في علاقات يومية.
الدفاع عن نفسك
يمكن أن تكون الوقاية خط دفاعك الأول ضد حيل الحب. يقترح بعض الخبراء قواعد السلامة التالية: لقاء الشخص. اذهب ببطء في العلاقة. احذر من حيل التعاطف ، خاصة طلب المال. إبقاء العائلة والأصدقاء في الحلقة.
و النقطة الخيرة في غاية الأهمية و هي إشراك الأهل أو المقربين ذوي الثقة .من المهم أن تكون العلاقات في النور من المهم ألا تخوض في العلاقة لوحدك . أشرك آخرين معك و استمع لآرائهم و الأولوية طبعاً للاهل .
من المهم أن يبدأ التثقيف و التعليم بخصوص العلاقات و مدى صحتها من الصغر . كما هو معروف أهمية أن يصادق الوالدين أولادهم . و إنفتاح الأهل على ما يعتمل في صدور أولادهم من فرح و خوف و قلق و جوع للحب .
أغرقوهم بالحب . و عبروا عن ذلك حتى لا يبحثوا عنه خارجاًً. عبرت سابقاً بقولي جوعى الحب . و أمثالنا الشعبية تقول الجعان يحلم بسوق العيش . إشباع جوع أولادنا العطفي لا يحتاج للمال أو للمجهود . فلا تبخلوا عليهم حتى لا يسعوا وراء السراب .
الدفاع عن قيمك عندما يتلاعب بك شخص ما ليس بالأمر السهل. لكن الاعتراف بالمشكلة هو الخطوة الأولى نحو الحلول. يمكن “علاج” بعض المشاكل بجرعة جيدة من الحزم. تعلم أن تقول لا ضروري للحفاظ على حدودك وأن تكون صادقًا مع نفسك وقيمك.
نظرًا لأن المتلاعبين المحترفين يعرفون كيف يسلطون الضوء عليك – أي إقناعك بأنك مجنون – فإن العثور على الدعم يمكن أن يكون أيضًا مفتاحًا لتخليص نفسك من عملية احتيال رومانسية. ابحث عن معالج أو صديق أو قريب – أي شخص عاقل وشجاع بما يكفي لمواجهتك بواقع وضعك ومساعدتك في إيجاد طريق أفضل.
لا أظن أن ما قلته كان جديدا . و نستطيع أن نسمعه و نشاهده في مختلف البرامج و المواقع و الأغاني و مع الإعلامية رضوى الشربيني . و لكن هذا شعرت إني محتاج أن أعبر عنه لإني مازلت اقابل مثل هذه الحالات و أتأثر بها . أحذروا الجوع .