
سأحاول شرح الموضوع في نقاط لعل و عسى أستطيع توصيل أفكاري .
في عالم سويدي اسمه سفانتي بابو
Svante Pääbo

يعمل في أعلى المعاهد العلمية
حصل مؤخرا على جائزة نوبل نتيجة لأبحاثه في مجال جينات الأسلاف .
و لا نقصد فقط أجدادنا من البشر المعروفين بشكلهم و هيئتهم و تركيبهم الحالي لكن أيضا أسلافنا المشتركين الذين تطورنا منهم حتى ظهرنا بهذا الشكل الهوموسابين . أي الأسلاف الذين تطورنا منهم نحن و القرود .
و من ضمن المقولات المشهورة عن هذا العالم :” أن هناك جينات من أسلافنا المنقرضين تسربت إلينا و نحملها حاليا .”
و هذه الجينات قد ترسم علاقتنا بالطبيعة و البيئة المحيطين .
لذلك لأول وهلة قد يتبادر لذهننا سؤال ما علاقة جيناتنا و نظرية التطور بالطب ؟
أو بمعنى أكثر دقة ما الذي سنستفيده طبياً من دراسة ” كائنات ” يُعتقد إنها سبقتنا في الظهور في شجرة التطور ؟ أليس من الأولى تخصيص هذه الأموال لعلاج الأمراض مثلاً ؟
حتى الآن بعض العلماء يضخمون هذه النتائج و يدعون أن كثير من إنجازتنا في الطب و في علاج الأورام على سبيل المثال جاءت من زيادة فهمنا لنظرية التطور .
أو كيف أن هناك بعض الأمراض كانت في الأساس حيلة تطورية للتعامل مع مشكلة بيئية . و غيرها من المفاهيم .
و في فيديوهاتي ألمحت أن هناك محاولات داخل علم النفس لتفسير بعض الظواهر النفسية بناء على نظرية التطور .
سواء كانت هذه الظواهر تروق لنا أو لا تروق لنا و نجدها متنافية مع الأديان و مع ذلك يسعون جاهدين للي عنق الحقيقة لإقحامها في حياتنا و جعلها مقبولة تطوريا على الأقل .

و ما دمنا ذكرنا الأديان .
فحاليا جميع الأديان تدعي إنها متوافقة مع العلم و نتائجه و متصالحة معه بل و تحث عليه بمختلف التبريرات و التفسيرات . مثل أن الإنسان مكلف بالسيادة على الطبيعة واستكشافها و إخضاعها و عمارتها و تسخيرها لخدمته . و أن هناك فارق في السؤال بين كيف ولماذا ؟ أو أن السؤال ب “كيف” تتبع العلم والسؤال ب ” لماذا ” تتبع الدين .
و بصراحة القائمون على الأديان يبذلون مجهوداً خرافيا من أجل إنتاج تفاسير جديدة تتواكب مع العلم و حتى يظهروا بمظهر حداثي .
هو ينفع نصطدم مع الدين الجديد المسمى بالعلم ؟
و خصوصاً أن التفكير العلمي هو الذي يحمل وجاهة حضارية الآن بعكس لو شخص يحترم دينه و معتقده فيتم التسفيه منه .
و العكس أيضا صحيح و إن كنت لا أقصد أن العلم يتوافق أويحث على الدين بل أقصد أن الظواهر الدينية تفسر بالعلم . فالعلم يفسر لماذا ظهرت الأديان و ما هي فائدتها التطورية في بقاء النوع و القبيلة و إزدهارها .
طيب و بعدين . خلاص كلنا سندين بالدين الجديد و نصبح علميين .
مشكلة الأديان هي إنها تجعل الإنسان مسيرا بإله مجهول .
العلم استبدل بالإله المجهول الجينات و الذرات و ميكانيكا الكم .
فكما إننا لا نعرف مشيئة الإله المجهول كذلك لا نعرف كيف تتصرف الجزيئات تحت الذرية التي تتحكم في مشاعرنا و أفكارنا وسلوكياتنا و بالتالي علاقتنا .
أيوة يعني علاقاتك التوكسيك دي سببها ميكانيكا الكم . ( نكتة متطرفة لتوصيل المعلومة ) .

و بناء على التفسير السابق بأن الإنسان مسير و غير مخير و أن كل شيء مقدر ومكتوب .
تمرد الإنسان على الإله كما وصفته الأديان سعيا للخروج من أوامر و نواهي فرضتها الظروف التطورية على الإنسان .
فما كان يصلح من مائة 100 عام لم يعد يناسب القرن الجديد .
و لكننا خرجنا من عبودية إله الأديان لعبودية الذرات . فالذرات في المفاهيم العلمية الجديدة قد تكون واعية و هي ما تشكل إدراكك .
فأصبحنا عبيدا لذراتنا و جزيئاتنا تحت الذرية .
و كما إنه من حق كل إنسان أن يتمرد على الإله كما صورته الأديان . فمن حق كل إنسان أن يتمرد على الدين الجديد المسمى بالعلم . من حقي أنا أيضاً أن أرفض إني أكون عبد لجيناتي و ذراتي و قوانين الفيزياء .
أنا أرفض أن أكون مجرد آلة .

و لن نناقش من يرفض العلم و نتائجه من باب الرفض الديني .
و لكن سأناقش الوسيلة التي بها نتمرد على العلم و نتائجه . لعل و عسى أستطيع أن أحتفظ بكرامتي و لا أصير
آلة .
في نقطتين في هذا الشأن .
1- الملاحظة العلمية .
2- تفسير هذه الملاحظة العلمية .
مؤخرا تم طردي من صفحة على الفيسبوك ( ربنا يطورنا كلنا ) تدعم و تروج لنظرية التطور بالرغم من أن صاحبها رجل عالم و متخصص و لكنه لم يتورع عن استخدام سيف البتر في نقاشه معي .
و استخدم معي مغالطة منطقية . فكان يقول لي إذا كنت معترضاً على ما أنشره من أبحاث , قم أنت بأبحاثك و إنشرها و تعال ناقشني .
و الخطأ الذي مارسه بحقي هو إني لا أناقش النتائج بل أناقش التفسير المقدم .
و تظهر نكات أتفق معها بل و أرددها أنا أيضاً مثل: ” ما ينفعش و أنت نائم على جنبك في السرير و لم تقدم أي شيء للبشرية أن تعترض على مجهود عالم بذل حياته من أجل العلم و الأبحاث .” و هذا حقيقي .
و لكني للمرة الثانية أردد إني أناقش التفسير . و لا أناقش النتائج .
فلو فرضنا أن جيناتنا البشرة تتشابه مع جينات البطاطس فهذا ليس معناه أن التفسير الوحيد المقبول هو إننا نشأنا من نفس الخلية الواحدة .
و لكن هذا لا يمنع من أن نجري ابحاثنا الخاصة و ننفق عليها المليارات لكي على الأقل نتأكد من النتائج المعلنة ( و هذا حقنا كباحثين ) و من أجل أن يكون لدينا منظومة علمية غير متطرفة و غير إرهابية .
يعني نبطل ناكل و نشرب علشان العلم ؟
أيوة
الإجابة نعم .
العلم سيفسد عمل الخير الذي تفعله . أستطيع أنا الطبيب النفسي أن أحلل نفسياً لماذا قمت بهذا الفعل الخير .
العلم أولى .
يعني نعمل محطة فضاء ونطلع المريخ ؟ أيوة . نعم .
يعني نصرف الأموال التي لدينا على الكوميوترات العملاقة ؟ نعم .
يعني نعمل معامل مجهزة بأغلى الأجهزة من أجل الفحص الجيني ؟ أيوة نعم .
كل ده لية ؟ علشان أنت كشهير عايز كدة ؟
أيوة أنا عايز كدة .
لازم تصرف و تنفق كل هذه الأموال و الجهد حتى لا نشعر أنا و أنت إننا مجرد آلات لا تملك من أمرها شيئا و لا ينبغي لنا ن نشعر بشيء . فنحن ذرات مسيرة .
أنا أؤمن بأن هذه ليست هي الكلمة الفصل و النهائية . كما أؤمن أن هناك فارق بين الدين من ناحية و الإيمان و الروحانيات من ناحية أخرى ربما سنتكلم عن ذلك فيما بعد . حتى ذلك الحين
تحياتي .
Thanks!